من أنت يا كورونا ؟!

محمد مسعود عالم كشن غنجي صحة

سألت الفيروس كورونا عن ذاته المهيب، وعن دوافع هجومه على العالم الإنساني بشكل مروع، قائلا له: هل هناك جناية كبرى عليك ارتكبها أحد من بني الإنسان، ثار بها غضبك بشكل خطير للغاية ؟

فرد عليه قائلا :
أنا ذرة بسيطة صغيرة الحجم، برزت – بمشيئة الله – في العالم الإنساني، بتلك القوة التي أمتلكها، لأستخدمها ضد المفتخرين بقواهم والمغترين بها، في هذا العالم الذي تطورت به العلوم والتكنولوجيا تطورا هائلا. وأنا كقنبلة خطيرة قوة وانتشارا في أنحاء المعمورة، لكن لا صوت لي في الانفجار، ولا نهاية لي زمنا ومكانا، وأنا عذاب من عند الله آتي الناس في أغلب الأحيان عندما تكثر فيهم الفواحش والفتن، يعم الناس الزنا وشرب الخمر، وتكثر المغنيات والراقصات، ويعيش الإنسان عيشة الحيوانات، لا حياء، ولا مروءة فيهم، ولا عقل لهم، بل هم أضل من الأنعام.
فقمت بالهجوم على بني الإنسان، حينما أصبحوا يتجاوزون حدود الله في كل شيء، يحللون ما حرم الله، فيأكلون كل ما تشتهي أنفسهم من الحيوانات محرمة كانت أو محللة، ولا يبالون بما يشكل خطورة على حياتهم، ولا يكترثون بالنتيجة التي تبرز في أعقاب تناول المحرمات، وإنما ينغمسون في تناول لحوم الكلب، والخنزير، والثعلب، والخفاش، وما إلي ذلك من الحيوانات المحرمة، دون أن يخضعوا للأوامر الربانية والأحكام الإلهية في ذلك، بل اتخذوا أهواءهم آلهتهم، فيفعلون ما يشاءون.
وذلك كله كان يقع بإحدى الدول المتقدمة، التي ترى أمرها فوق كل شيء قوة وبأسا، ألا وهي دولة الصين.

فبدأت بالظهور في الصين، التي تفتخر بالقوة التكنولوجية والمنتجات الكيمياوية المتنوعة، وهي للقضاء على ما يحاربها، لكن عجزت عن الصراع معي، فاتخذت أسلوبا آخر للتصدي لي، فتفجرت عليها غضبا، وواصلت المداهمة عليها بشدة، حتى أرغمت المتمردين الظالمين من الزعماء و الأمراء في الصين، على اللجوء إلى حضرة رب العالمين في مساجد المسلمين، معترفين بضعف قوتهم البالغة بين يديه، طالبين من المسلمين أن يدعوا الله لهم بكبح زمام قوتي، وتوقف هجومي.

ومع بداية ظهوري بالصين نظرت الأمريكا إلي نظرة الهزء والسخرية، ضاحكة على قوتي وحجمي، وسخرت من عجزها عن محاربتي بشكل سريع، فبذلك ثار غضبي فتسللت إليها بجنودي، وخيمت على بلادها، حتى أصبحت محيطة بالجنود بشكل أخطر، ثم دعوتها إلى المبارزة بكل نوع من الأسلحة التي تتوفر لديها بشكل مفرط، لكن لم تتكلل المحاولات، التي قامت ببذلها في سبيل الصراع معي، بالفوز والنجاح، فولت مدبرة من ميدان المعركة، فتبعتها وبسطت السيطرة عليها بشكل سريع، ثم أسرعت بالهجوم على الذين يتميزون بمفاسد الأعمال و الأخلاق، التي يستحي لسان الشريف من وصفها، وعلى الذين يعيشون عيشة الحيوانات، يمارسون الجنس أمام العموم، متجردين عن لباس الحياء، وهو جوهر الإنسان، وإنما يبيعون أجمل اللباس هذا بثمن قليل، يصنعون الأفلام الإباحية، ويشيعونها بين الناس عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فهجمت عليهم هجوما شديدا، ليكون عبرة للآخرين.

ثم توجهت بشكل تدريجي نحو الدول الغربية الأخرى واحدة بعد أخرى مثل إيطاليا وفرنسا وغيرهما، فوجدت أن المواطنين والمقيمين في هذه الدول في غفلة كبيرة من خطورتي وغضبي، بزعم أن أشباهي ونظائري لاتزال تتوارد في هذا العالم بين حين وآخر، بأشكالها المتنوعة، دون أن يستشعروا بأن ذاتي مختلف عنها تماما في القوة والانتشار في أنحاء العالم كلمح البصر؛ فقد أراد الله بقوتي ليذيق الناس العذاب دون العذاب الأكبر؛ بما كسبت أيديهم من المعاصي والآثام المختلفة المنتشرة في مجتمعهم، فبدأت الهجوم بشدته عليهم بأمر الله حتى أصبحت أكوام من أمواتهم تتجمع أمام المستشفيات والمراكز الطبية، وهي الآن تتزايد يوما بعد يوم. فلما ظل هذا الوضع في حالة الاستمرار دون أن يتوقف، لجؤوا إلى الوسائل المتعددة التي تمنعني من الهجوم، وتخلصهم من شدته، لكن تقطعت بهم الأسباب، وأعوزتهم الوسائل، وسدت في وجوهم السبل، فالتوتر لديهم بلغ ذروته، فضاق عليهم عالم الوسائل برحبه.
وفي هذه الدول خلفت لأهاليها بعض جنودي للمحاربة، ثم انطلقت إلى الدول العربية الإسلامية أجوبها و أتفقد أحوال المواطنين فيها، فوجدت أكثرهم متأثرين بشكل جزئي بالثقافة الخبيثة التي شاهدتها في بعض الدول الغربية،كما رأيت فيهم العواطف الدينية تتضاءل، وعدم الشعور بالنعم المتعددة العظيمة التي من الله بها عليهم من المال والثروة وغيرهما يرتفع، وعدم الشكر لهذه النعم يتكرر، من خلال سوء استخدامها.
ثم قمت برحلة إلى بعض هذه الدول العربية الإسلامية التي تعتقد بأن أمورها ومعاملاتها يتم تنفيذها على حسب الأصول الإسلامية، ولكن الصفات التي تتصف بها، تنعكس على مجرى العمل، فترحب بكل ما يعجبها من الأزياء والثقافات الغربية ترحيبا حارا، دون أن تهتم بالنتيجة التي تتشكل على المجتمع الديني. فظهر الفساد فيه رويدا رويدا حتى استحالت حالته إلى حالة أخرى.
فبعد أن رأيت هذا المنظر القبيح، لقيت بعض أهاليها، لأحذر البعض من ما كسبت أيديهم من المفاسد والمآثم، مما تسبب بالدخول في هذه الدول، التي خصصها الله بالنعمة والرحمة.
وكذلك قمت بجولة سريعة حول العالم، مع جنودي، فأحدثت جولتي ضجة كبيرة، وأثارت خوفا وذعرا، فالناس في العالم دخولوا منازلهم، وأغلقوا عليهم أبوابها، مخافة من هجومي، وليفلتوا أنفسهم من براثن من غضبي. وبالتالي فانقطعت النشاطات العالمية كبيرها وصغيرها، فصعب عليهم ممارسة العمل، ليقتاتوا لأنفسم ولأولادهم، واتجه الوضع الاقتصادي نحو الأسوأ حيث تصاعد التوتر لديهم، فأصبح الناس ينتظرون متى تتوقف جولتي في العالم بشكل سريع، هاتفين : يا لها من نكبة كورنا ! فأجبت هتافهم قائلا : أنا لا أقيم بالعالم إلا لمدة قليلة من الزمن ؛ لأجعل الناس يأخذون بالعبرة والدرس من حجمي الصغير وقوتي، ويدركون أين هم من قوة الله القوي؟ وكيف هم بقوته البسيطة ؟!

يا أيتها القوة الإنسانية ،لماذا تفتخر بأمرك؟ وأين أنت وشأنك ؟ ألست على ثقة بأنك أضعف القوى لمحاربتي، مع توفر كل الوسائل النووية لديك ؟ فابتعدي عن الافتخار والاستكبار، واخضعي لأمر الله بشكل فوري،مطيعة له ، فإن ظهوري بالعالم إنما هو من أجل هذا الغرض.

Leave a Reply

avatar
3000
  Subscribe  
Notify of