المداومة على العمل الصالح بعد رمضان

سعيد الأثري العبادات

لاشك أن الدوام على الطاعات والثبات عليه دليل على كمال الإيمان ومن شعار أهل الإسلام والإيمان، ومن أحب القربات إلى الرحيم الرحمن، فالمؤمن هو الذي يتلذذ بطاعة مولاه، ويتقرب إلى ربه باتباع هداه، ومخالفة نفسه، وهواه.
والمؤمن الحقيقي يستمر في عبادة ربه ويداوم عليها إلى أن يلقى ربه تبارك وتعالى. فهو يجاهد نفسه، ويجتهد في استباق الخيرات في جميع الشهور عموما ويشد مئزره في شهر رمضان خصوصاً تأسيا واقتداء بنبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم فإن من هديه صلى الله عليه وسلم أنه إذا دخل رمضان اجتهد في عبادة الله وشد مئزره وأحيا ليله في العشر الأواخر من هذا الشهر المبارك.
وكفى المؤمن شرفاً أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم له أسوة وقدوة في طريقته وهديه. قال تعالى: (( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ))(الأحزاب:21).
فالمداومة على العمل الصالح والثبات عليه مطلوب في الشريعة الإسلامية و لاشك أن العبد مأمور بذلك في جميع شئوون الحياة. قال تعالى: (( واعبد ربك حتى يأتيك اليقين)) (الحجر: 99).
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: وإن أحب الاعمال إِلَى الله ما دام وإن قل. (صحيح البخاري: 5524).
فهذه النصوص الشرعية دالة على فضل المداومة والاستمرار على العمل الصالح.
وكما نعلم جميعا أن موسم رمضان المبارك قد ارتحل وذهب بما فيه من الأعمال الصالحات، والحسنات الفاضلات، نسأل الله أن يتقبل ما قدمنا فيه من العبادات، كقراءة القرآن، والصلوات، وقيام الليل وغير ذلك، ونعاهد ربنا تعالى أننا مستمرون على الأعمال الصالحة ولو انقضى رمضان فإن العبادة والأعمال الصالحة ليست مقصورة على رمضان، ومن علامات حب العبادة والتعلق بها الاستمرار على العمل الصالح بعد رمضان والمؤمن الحقيقي يداوم على الحسنات وعمله لا ينقطع حتى ولو ارتحل رمضان بل إنه مستمر فيه إلى أن يفارق الدنيا.
وإن من كمال إيمان العبد: استقامته على طاعة الله ومواصلة الأعمال الصالحة وقد أثنى الله عزوجل على أهل الإيمان والاستقامة وبشرهم بالجنات حيث قال: (( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون)) (فصلت: 30).
ولقد فضل الله تعالى بعض الشهور على بعض ومنها شهر رمضان حيث فتحت فيه أبواب الجنة وغلقت فيه أبواب النار وصفدت فيه الشياطين وهو سيد الشهور وأفضلها لكن ليس معنى ذلك أننا نقع في الغفلة والتكاسل في باقي الشهور الأخرى فشهر رمضان شهر فضل وخير بلاشك ولكن لا يعني ذلك انقطاع العمل في غير ذلك وبعد ارتحاله وانقضائه نعود إلى تلك الحالة التي كنا عليها ويعود الإنسان إلى جهله وغفلته ويهجر الأعمال الصالحة. كلا إن هذا لهو التصور الخاطئ والفهم غير السليم فرمضان إنما أتى ليحملنا على الخير ولنستعد للمستقبل وندوام ونستمر على الخيرات والحسنات كما كنا عليها فيه. وهكذا يكون شأن المؤمنين المستقيمين، أما من ضعف إيمانه فإنه إذا ارتحل عنه رمضان فكأن الأعمال الصالحة لا محل لها عنده ولا وزن، ويبعد نفسه عن الخيرات والحسنات.
ولقد كان دأب أسلافنا الأولين الاستمرار والمداومة على العمل الصالح تأسيا بنبيهم صلى الله عليه وسلم حتى بعد انسلاخ شهر رمضان ولم يكونوا موسميين فقط.
وهكذا فلتكونوا يا عباد الرحمن! ولا تكونوا عباد مواسم ولا مراسم و لتكونوا كالعبد الذي هو لطاعة مولاه يلازم وعلى فعل الحسنات يداوم.
فالزم نفسك أخي المسلم المسلك القويم الذي سرت عليه في رمضان من اجتناب المعاصي والإكثار من أعمال البر والطاعات، ومتابعة الإحسان بالإحسان وكن من الربانيين ولا تكن من الرمضانيين.
أسأل الله جل وعلا التوفيق والسداد والاستقامة على طريق الرشاد والمدوامة على العمل الصالح والثبات عليه حتى الممات وأن يثبتنا جميعا على الصراط وعلى هدي نبينا القويم. آمين يارب العالمين.

Leave a Reply

avatar
3000
  Subscribe  
Notify of