رثاء على وفاة أ. د. ولي أختر الندوي

أ.د. مجيب الرحمن السير و التراجم

تنعى أسرة المنظمة العالمية للإبداع من أجل السلام ممثلة برئيس مكاتبها في الهند أ.د. مجيب الرحمن بوفاة الأستاذ الكبير الدكتور ولي أختر الندوي أستاذ اللغة العربية بجامعة دلهي، الهند، عن عمر يناهز 52 عاما إثر سكتة قلبية أصابته جراء إصابته بفيروس كورونا المستجد وذلك في يوم الثلاثاء 09 يونيو 2020 بمستشفى الشفاء في جنوب دلهي.
كان الفقيد الأستاذ الدكتور ولي أختر الندوي من أساتذة اللغة العربية البارزين المشار إليهم بالبنان في الهند، فقد كرّس نفسه لخدمة اللغة العربية وابتكر منهجا بديعا لتدريس اللغة العربية لغير الناطقين بها، فدوّن ثمرة تجاربه في تدريس اللغة العربية في سلسلة من الكتب القيمة التي لاقت رواجاً حسناً في الهند، ومن أهمها "منهج عملي لتدريس اللغة العربية” (في جزأين) و”تيسير الصرف” بالنسختين العربية والإنجليزية، وكتاب "My Arabic Reader”، و”زرني في وقت آخر يا موت”، و”نذير العظمة” (ترجمة)، كما أسهم في إعداد المقررات الدراسية للغة العربية في كل من المعهد القومي للتعليم المدرسي المفتوح، وجامعة إنديرا غاندي المفتوحة إلى جانب مشاركات واسعة في المؤتمرات الوطنية والعالمية.
كان ضليعاً في اللغة العربية فكان يتحدث بها كأهلها ويكتب بلغة سلسة ورشيقة، وبأسلوب سلسال، نشر له عدد كبير من البحوث والمقالات في المجلات العربية المحكمة في الهند وخارجها.
لقد حصل الفقيد على جائزة "مهارشي بادريان وياس سمان” وهي جائزة مرموقة يمنحها فخامة رئيس جمهورية الهند للعلماء الشباب لخدماتهم المميزة في مجال اللغة العربية. ويقول الأستاذ زبير أحمد الفاروقي أحد أساتذته البارزين ومن كبار علماء وأساتذة اللغة العربية في الهند "برحيل الأستاذ الدكتور ولي أختر رحمه الله فقدت أسرة أساتذة اللغة العربية في الهند درة يتيمة وشخصية مثالية كانت تنفرد بمستواه العملي المتميز وتواضعه وأخلاقه النبيلة وتقواه. عاش بعيدا عن الظهور والشهرة، حظي بالإعجاب والتقدير لدى أساتذته وزملائه وتلاميذه بفضل تميزه في الذكاء ومكانته العلمية، قد خلف وراءه إرثا علميا عظيما لعشاق اللغة العربية، لن ننساه طالما نعيش ، فقد كان مفخرة لنا جميعاً”.
كان الفقيد خريج دار العلوم التابعة لندوة العلماء بلكناؤ، وقد شهد له أساتذته في الدار بذكائه وألمعيته، وبقي الفقيد على تواصل مع أساتذته، ثم التحق بمرحلة البكالوريوس في قسم اللغة العربية بالجامعة الملية الإسلامية، بنيو دلهي، وأكمل الماجستير والدكتوراه واشتغل بها أستاذ ضيف على رتبة محاضر ثم تعيّن محاضرا في قسم اللغة العربية في جامعة دلهي في عام 1997، وترأس القسم مرتين، وأشرف على عدد كبير من رسائل ما قبل الدكتوراه والدكتوراه، ونظم سلسلة من المؤتمرات الوطنية والدولية.
عرف الفقيد الدكتور بتمسكه الشديد باللغة العربية الفصحى فكان يؤاخذ الطلبة على استخدامهم للمفردات والتعابير الدارجة، كما عرف بتشبثه بالشعائر الإسلامية وحميته وغيرته الدينية، وكان يشتغل في العمل الاجتماعي وأنشطة الرفاه العام في قريته في ولاية بيهار الهند، وأيضا في حي شاهين باغ بجنوب دلهي حيث كان يقيم مع أهله.
كان حقا وليا من أولياء الله، جمع بين القديم الصالح والجديد النافع، وكان حريصا على التمسك بهويته الإسلامية ومصراً على قول الحق غير خائف في ذلك لومة لائم.
قليل منا من المشتغلين في الجامعات الحكومية في بلاد غير عربية من يهتم بتربية أولادهم تربية دينية وتثقيفهم بالثقافة العربية، ولكن الفقيد جعل من أولوياته تعليم أولاده اللغة العربية أولا ووضع لهم أولا أساسا متينا في اللغة العربية، يا أبا حماد مثلك لا يموت، وإنما تبقى الذكرى تعطر الزمان والمكان، فأنت مدرسة أسست على بنيان راسخ.
لقد خسرت الهند رمزاً كبيراً من رموز الثقافة العربية وصرحا شامخاً من صروحها، وخسرنا أخا كريما، وزميلا غاليا، وصديقا صدوقا، وشخصاً أمينا وصادقا وعدولا، وتلك صفات قلما تجتمع في شخصية في عصرنا هذا.
يا أبا حماد إن الكلمات عاجزة عن ذكر مناقبك، فأنت من خصه الشاعر بقوله:
قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا
رحم الله أبا حماد رحمة واسعة وغفر له زلاته وجمعه مع الصديقين والشهداء والصالحين، وألهم ذويه وأحبته الصبر والسلوان.

Leave a Reply

avatar
3000
  Subscribe  
Notify of