رواية البلاذري: «إذا رأيتم معاوية بن أبي سفيان يخطب على المنبر فاضربوا عنقه»

كفايت الله السنابلي الحديث وعلومه

قال البلاذري:
حدثني إبراهيم بن العلاف البصري قال، سمعت سلاما أبا المنذر يقول، قال عاصم بن بهدلة حدثني زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا رأيتم معاوية بن أبي سفيان يخطب على المنبر فاضربوا عنقه » .
وروى الحكم بن ظهير عن عاصم عن زر عن عبد الله بن مسعود بمثله.
[أنساب الأشراف للبلاذري 5/ 130]

قلت : هذا الإسناد منقطع بين سلام أبي المنذر وعاصم بن بهدلة،
فإن سلاما أبا المنذر لم يذكره عن شيخه عاصم بأي صيغة من صيغ التحمل المعروفة مثل ”حدثنا“ و ”أخبرنا“ و ”عن“ و ما إلى ذلك ، بل ذكره عن شيخه بصيغة الإرسال ”قال“ بلفظ : «قال عاصم بن بهدلة…..» ثم ذكر ما فوقه من الإسناد والمتن بعد أن أرسله عن عاصم.
ولفظ ”قال“ لايحمل على الاتصال ولو كان من غير مدلس عن شيخه ، إلا ممن عرف من عادته أنه يطلقه فيما سمعه ، وإذا عرف هذا في راو فإنه إذا روى بلفظ ”قال“ عن شيخه ما لم يسمعه منه ، يكون بذلك مدلسا. لأنه خالف عادته فأوهمنا السماع.
أما الذي لم يعرف من عادته أنه يطلق لفظ ”قال“ في مسموعاته ، فلايحمل منه هذا اللفظ على السماع ، وهذا إذا روى عن شيخه ما لم يسمعه بلفظ ”قال“ ، لا يكون بذلك مدلسا أبدا ، لأنه لم يوهم السماع.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
« فقد صرح الخطيب وغيره بأن لفظ قال لا يحمل على السماع إلا ممن عرف من عادته أنه لا يطلق ذلك إلا فيما سمع فاقتضى ذلك أن من لم يعرف ذلك من عادته كان الأمر فيه على الاحتمال»
[مقدمة فتح الباري لابن حجر: ص: 17]
بل الذي عرف عنه إطلاق ذلك في السماع عموما ، لكن غير عادته في كتابه الخاص فلم يطلقها فيه فيما سمع ، لا نحمل منه هذا اللفظ على السماع في ذلك الكتاب.
كالإمام البخاري رحمه الله وتعليقاته في صحيحه، فإنه يعلق عن مشايخه ما لم يسمعه منهم بلفظ ”قال“، ومع ذلك لايوصف بالتدليس ، لأنه لم يجعل فيه عادته أن يطلق لفظ ”قال“ في مسموعاته.
لذلك قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
«لا يلزم من كونه يفرق في مسموعاته بين صيغ الأداء من أجل مقاصد تصنيفه أن يكون مدلسا».
[النكت على كتاب ابن الصلاح لابن حجر 2/ 601]
وقال في موضعٍ آخر:
«لا يلزم من هذا الفعل الاصطلاحي له أن يوصف بالتدليس لأنا قد قدمنا الأسباب الحاملة للبخاري على عدم التصريح بالتحديث في الأحاديث التي علقها حتى لا يسوقها مساق أصل الكتاب، فسواء عنده علقها عن شيخه أو شيخ شيخه، وسواء عنده كان سمعها من هذا الذي علقه عنه أو سمعها عنه بواسطة».
[تغليق التعليق لابن حجر: 2/ 9]

فهنا سلام أبو المنذر جاء بصيغة الإرسال ”قال“ ، على خلاف عادته في التحديث ، ولم نعرف من عادته إطلاق هذا اللفظ فيما يسمع ، فلا نحمله على السماع فيكون الإسناد منقطعا غير متصل.
ولعلل البلاذري نفسه أشار إلى ذلك ، فقال بعد رواية سلام :
”وروى الحكم بن ظهير عن عاصم عن زر عن عبد الله بن مسعود بمثله“.
لعله يشير بذلك أن الراوي عن عاصم في هذا الحديث هو الحكم بن ظهير كما في الطرق الأخري ، و سلام لم يسمعه من عاصم بل ذكره عنه مرسلا .

وحديث الحكم بن ظهير أخرجه ابن عدي فقال:
أخبرنا علي بن العباس، حدثنا عباد بن يعقوب، حدثنا الحكم بن ظهير، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه.
[الكامل لابن عدي طبعة الرشد: 3/ 242]

وبهذا التفصيل تبين أن الحكم بن ظهير متروك كذاب ، فالحديث موضوع باطل.

والله أعلم.

2
Leave a Reply

avatar
3000
2 Comment threads
0 Thread replies
0 Followers
 
Most reacted comment
Hottest comment thread
1 Comment authors
سيف عدنان Recent comment authors
  Subscribe  
newest oldest most voted
Notify of
سيف عدنان
Guest
سيف عدنان
السلام عليكم ورحمة الله .

ماالعلة لقول الحكيم بن ظهير كذاب ؟؟

سيف عدنان
Guest
سيف عدنان

كيف يكون الحديث موضوعا ؟؟ والانقطاع هو السبب ان كان هذا فهو باطل ؟؟؟؟؟