تقدمت أمامي ولكن … أوقفتني اللحظات

جنيد يوسف الإنتاج الأدبي النثري

علاقتي معها كانت علاقة مودة ومحبة، علاقة جليس ورفيق وصديق في بداية عمري منذ ألا أشعر بالحب والهيام والعشق والغرام، علاقة لا تفارقها ولا تصاحبها بل كانت علاقة مبادرة في حصول الأشياء، علاقة لا ينعزل منها، حب طاهر عفيف خال من الشوائب والغرائز على جدران الطفولة، وعلاقة تتعصر من القلوب المتدخلة في أغوار القلب بكل جذورها نبتت وبدأت تنمو شيئا فشيئا حيث رحبنا الشباب، وشبت معا أواصر المحبة والمودة والاحترام المتبادل بيني وبينها، كنت أعرف وما كانت جاهلة عنها عن الموجات التي تتموج في نفسي وتتصادم مع خفقان قلبي، المحبة التي صارت محلا في القلب، ووقعت بين ضلوعي وجوانحي حتى لا أكاد أتصور انفصالي بتلك الانفعالات اللذيذة التي شعرت نحوها، انبسطت أعماقي بكل ما فيها من شوق وسهاد، واتسعت جذورها في شعوري ووجداني، وكانت تمر بالتي أشعر نحوها، فاعترفت هي واعترفت نحوها … الحب، والهيام، والعشق، والوعد، والعهد، وألم الفراق.
سافرت وهاجرت عن ذاك الوادي الذي لم يتركني لي السبيل إلى الوصال معها، وصارت لي كالحلم الجميل الذي ينتهي بانتهاء النوم، ولم يبق لي سوى ذكريات موجعة يؤلمني، ويوجعني ويضعف قواي، تفكرت، وتألمت، تذكرت، وتحننت منذ رحيلها، ثم مضت أيام وليالي، أسابيع وشهور، سنة وسنوات تقدمت أمامي في دروب الحياة إلى حياة لا مجال فيها لتلك الذكريات الموجعة التي تحلق في عيني دوما وقت نومي، وتغمرني في أعماقها في صباحي ومساءي، وتوجعني وتخفق قلبي كل لحظات عمري، وهذه الجروح الجارفة اندملت شيئا مع الوقت وتعودت معها العيش، ولم تبق إلا ذكريات لا ألق لها بالا وما دار في خلدي يوما أن أنظر إلى الخلف إلى تلك السموم التي بلعت يوما وشعرت مرارتها سنوات، حتى تعافيت بفضل الله وإحسانه، كنت في طريقي إلى حياتي التي شغلتها مشاغل الحياة عن كل الهموم والغموم التي تغيمت في آفاق ذهني وسماء أفكاري، وعن الأحزان وفراق حبيبتي التي أحببتها حبا لا يبادله حب.
ليس ألم بل آلام، ألم عندما رحلت عنها يائسا بوصالها عندما سدت على كل الطرق إليها، وكادت الجروح أن تندمل فصادفت رؤيتها وأتاحت الأيام لي الفرصة للحديث معها لكي تتعذب النفس مرة أخرى، وعوائق أخرى سلسلت أقدامي للتقدم نحوها، ثم الهجران مرة وأخرى، وسترتها نسيان، ولكن آه لقلبي الذي كانت تخفي المحبة في داخلها لما سمعت بفراقها الأخير الذي يمتلك عليها الآخر وينتهي في القلب كل الآمال الخفية في الستور المظلمة، ويطمس كل تلك الرسوم التي كانت في القلب، فأثارت تنهدات الأسى في أعماق قلبي واستدرت دموع اليأس والحزن من أجفاني، واستقطرت العبرات في مقلتاي، ولم أستطع الصبر على هذا الهجران والألم الأليم الذي يقطن في أغواري، ويكسر جوانحي ولم أجد سبيلا للخروج من الحب الذي فتح أبواب قلبي وتغلب على زواياه، ولا أستطيع تصوير خيالات موجعة لمسها الحب ثم فارقت الذي أحببته.
هذا الحب الذي كانت صلة عميقة بيني وبينها بقيت في القلب ولكن فارقت صاحبتها، استقطر الدم من عيني ثم سكنت وهدأت، وتقدمت من جديد إلى حياتي بالصبر والتجلد، وأوقفتني اللحظات فنظرت إلى الخلف وتأسفت وتنهدت وتأوهت، ولكن يقال إن النفس إذا يئست فنسيت، ما نسيت ولكن الألم صار ضئيلة على فراق الأخير الذي لا أمل بعده، وشربت هذه الغصات الأليمة.. وأتقدم أمامي في مسيري، فيا أصدقاء شبيبتي كونوا جادين في الطريق مع صديق تواسيه صحبتكم.

1
Leave a Reply

avatar
3000
1 Comment threads
0 Thread replies
0 Followers
 
Most reacted comment
Hottest comment thread
1 Comment authors
TAUSIF ALAM Recent comment authors
  Subscribe  
newest oldest most voted
Notify of
TAUSIF ALAM
Guest
TAUSIF ALAM
ماشاء الله
ما أحسن البيان والتعبير