بر الوالدين

محمد خوشحال التیمی الخطب

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد: فقد قال الله تعالى في كتابه الكريم: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا (سورة الإسراء: 24)
مما لا شك فيه أن بر الوالدين من أهم الطاعات والقربات ومن أعظم الفرائض والواجبات، يستحق البار بوالديه أجرا عظيما كما يستحق العاق لوالديه عقوبات شديدة، ولذلك أمر الله سبحانه وتعالى ببر الوالدين والإحسان إليهما والالتزام بطاعتهما وخدمتهما في آيات كثيرة من كتابه العظيم، فقال سبحانه وتعالى : وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ( سورة الإسراء:24)
وقال سبحانه: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ( سورةالنساء:36)
وقال جل وعلا: أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (سورة لقمان: 14)
وغيرها من الآيات التي تأمر ببر الوالدين، وطاعتهما وحسن التعامل معهما في القول والعمل.
هذا، وقد صح عن رسول الله ﷺ ما يدل علي أن بر الوالدين من أفضل الأعمال بل فضله النبي صلى الله عليه وسلم على كثير من الأعمال حتی قدمه على الجهاد في سبيل الله، فعن عبدالله بن مسعودٍ، قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي العمل أفضل؟ قال: "الصلاة لوقتها” قال: قلت: ثم أي؟ قال: "بر الوالدين”، قال: قلت: ثم أي؟ قال: "الجهاد في سبيل الله”. (أخرجه مسلم رقم الحديث: 85).
ومن أهمية بر الوالدين أن الله سبحانه وتعالى وضع رضاه في رضا الوالدين، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم "رضا الرب تبارك وتعالى في رضا الوالدين، وسخط الله تبارك وتعالى في سخط الوالدين. (صحيح الترغيب والترهيب للألباني: 2503).
ومما يدل علي فضل بر الوالدين حديث أنس بن مالك رضي الله عنه حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم : "من سره أن يمد له في عمره ، ويزاد في رزقه فليبر والديه و ليصل رحمه” (أخرجه أحمد وصححه الألباني في صحيح الترغيب 2488).
إخواني في الدين :
هذا لمن يطيع والديه ولكن من يعق والديه و يعصيهما يستحق العقاب عند الله لارتكابه بأكبر الكبائر كما في الصحيحين عن أبي بكرة الثقفي عن النبي ﷺ أنه قال : ألا أنبئكم بأكبر الكبائر – كررها ثلاثاً – قالوا: بلى يا رسول الله! قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئاً فجلس، فقال: ألا وقول الزور ألا وشهادة الزور . (أخرجه البخاري ومسلم).
كذلك يبعد عاق الوالدين من رحمة الله، ولا ينظر الله إليه ولا يدخل الجنة يوم القيامة، كما صح عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "ثلاثة لا ينظر الله اليهم يوم القيامة : العاق لوالديه ، و مدمن الخمر ، والمنان عطائه ، وثلاثة لا يدخلون الجنة : العاق لوالديه ، والديوث والرجلة” (أخرجه النسائی و صححه الألباني في صحيح الترغيب ، 2511.)
فعرفنا جميعا أن من أكبر الكبائر العقوق للوالدين؛ فبرهما من أعظم الطاعات والقربات، وعقوقهما من أقبح الكبائر والسيئات، فيجب علينا جميعا بر الوالدين، والإحسان إليهما، والرفق بهما، والأدب معهما في القول والعمل.
إخواني في الدين:
وكذلك مما يقتضي بر الوالدين منا أن ننفق عليهما حسب الطاقة و الحاجة، و إذا نخاطبهما فبالرفق والكلام الطيب والأسلوب الحسن والصوت الخفيف، ويجب علينا السمع والطاعة لهما في المعروف في جميع ما لا يخالف الكتاب والسنة النبوية .
إخواني في الدين: وفي الختام أقول لي ولكم أن نلتزم جميعا بر الوالدين و طاعتهما والإحسان إليهما حتى نستحق الأجور والدخول في الجنة ، كما علينا أن نجتنب كل الاجتناب من عقوقهما و سوء الأدب بهما حتی يرضی ربنا تبارك وتعالى وندخل الجنة يوم القيامة.

Leave a Reply

avatar
3000
  Subscribe  
Notify of