كتاب «حقيقة الأدب ووظيفته في ضوء تصريحات الأدباء والنقاد» للدكتور مقتدى حسن الأزهري

راشد حسن المباركفوري الكتب بين عرض ونقد

كتاب «حقيقة الأدب ووظيفته» للدكتور مقتدى حسن الأزهري – رحمه الله – يتضمن موضوع حقيقة الأدب ووظيفته وغاياته وأهدافه كما هو الظاهر من اسم الكتاب، وزيَّنه مؤلفه ـ رحمه الله ـ بأراء وتصـريحات الأدباء المعروفين والنقاد المتقنين حول الأدب وما يتصل به من الموضوعات والخلافات.
قام بطبع هذا الكتاب إدارة البحوث الإسلامية بالجامعة السلفية بنارس سنة: 1990م، في 98صفحة.
كتب المؤلف ـ رحمه الله ـ في غلاف الكتاب هذه العبارة التي توضح موضوع الكتاب ومحتوياته تمامًا: «استعراض مجموعة من آراء الأدباء والنقاد حول حقيقة الأدب ووظيفته وصلته بالدين واستخدامه للتسلية والأغراض التافهة».
كان من المفروض أن يبدأ المؤلف بمقدمة وجيزة، يبين فيها أهمية دراسة هذا الموضوع والأهداف التي كانت وراء تأليفه، ومن ثم تفصيل القول في تقسيمه إلى الفصول والأبواب، لكنه اكتفى بذكر قبستين لكل من الأستاذ أنور الجندي والأستاذ جاد البنَّا متعلقَتينِ بموضوع الكتاب.
قسَّم المؤلف ـ رحمه الله ـ الكتاب إلى خمسة فصول وتحت كل فصل مباحث. فالفصل الأول في تعريف الأدب، ذكر فيه أقوال الأدباء والنقاد في حدِّ الأدب. يقول في نهاية الفصل ملخصًا:
«ويتبين بعد عرض هذه الأقوال في تعريف الأدب أن عنصره الأساسي هو التعبير والتأثير، وبتوفر صحة هذه الصفة في الكلام يصح وصفه بالأدب. ومن هنا يظهر خطأ الاتجاه الذي يذهب إلى احتكار الأدب على طبقة أو طائفة، كما يرى الإباحيون أن الأدب حكرٌ عليهم، أو كما ينادي المتدينون بكون الأدب ملكًا لهم. إن هذا الاتجاه لاحتكار الأدب وتقسيمه حسب الطبقات ينافي عالمية الأدب وشموله، ولذا رفضه أهل الاعتدال والحياد من النقاد».
والفصل الثاني في المقصود من الأدب، يبين فيه المقصود من الأدب، فيقول:
«قد اختلفت الآراء حول المقصود من الأدب … ». (حقيقة الأدب ووظيفته)
وبعد ذلك عقد عدة مباحث، ثم أنهى هذا الفصل بعقد مبحثين مُوضحًا فيه أن المهم أن يكون الأدب إسلاميًا، والمبحث الثاني من الأخير: «ميزة الأدب الهادف»، يقول فيه:
«والخلاصة أن الأدب الهادف الإرشادي أو التوجيهي هو الأدب الأعلى في الحقيقة، خلاف وجهة نظر النقد السائد الآن، وأدب التسلية والمتعة أو الأدب للأدب لعبة باردة جوفاء، تخلو من الروح وحرارة الحياة ولبِّها.
ولاشك أن الأدب الإسلامي أدب توجيهي له هدفه الأعلى ونفعه العام…». (حقيقة الأدب: 38) والمبحث الآخر للفصل هو: «عناية الأدب الملتزم بالفن».
ثم أقام الفصل الثالث في علاقة الأدب بالدين والخلق.
حاول المؤلف ـ رحمه الله ـ فيه الجمع بين الأدب والدين، وأبدى استغرابه عن «الذين يزعمون أن مجال الأدب أوسع من الدين، وأن الأدب لايمكن أن يستخدم لغاية دينية، وأن يحقق ما يصبو إليه الدين»، ويستغرب كذلك من الذين يرون الأدب الغربي هو الأدب المثالي، والواقع أن هؤلاء الغربيون استخدموا الأدب لأغراض دينية، ولعبوا دورًا بارزًا في تدعيم مكانة النصرانية لدى الناس وتحبيبها إلى النفوس. فالأدب المثالي هو الذي يجمع بين الأدب والدين، والمتعة والقيم الخلقية.
وذكر لتدعيم اتجاهه هذا السليم آراء وأقوال أصحاب الشأن في هذا الفن من أهل الشـرق والغرب معًا، وختم الفصل بعقد مبحث: «واجب الأدباء الإسلاميين»، وأوضح أن هذا الاتجاه الأدبي يتطلَّب من دعاة الأدب الإسلامي بذل الجهود والتعريف بمآثر القدماء الذين خدموا الدين والأخلاق بالأدب، والرد على النقاد القائلين بتجريد الأدب من الهدف والدين والقيم الخلقية.
وبعد ذلك أقام الفصل الرابع في الأدب والجنس.
أوضح المؤلف ـ رحمه الله ـ أن الجنس في الأدب مشكلة إنسانية في هذا القرن، والجرائم الجنسية تقع في المجتمعات البشـرية، ووظيفة الأدب أن يصور هذا الفساد ويبرزه للناس؛ لكن عددًا من الكتَّاب يركز على تصوير الجرائم الجنسية، وأحيانًا لايتناول إلا إياها، بيد أن الأدب مهمته ووظيفته الإصلاح والتحذير من الفوضى والفساد، لكن ربما أمثال هؤلاء الأدباء يهدفون إلى الناحية المادية، ويتجرون الأقلام، ويثيرون الغرائز الجنسية لكسب المال والشهرة.
فالحاجة ملحة إلى إبراز خطورة الجرائم الجنسية، وإصلاحها بالأقلام، والالتزام بالعدل والواقعية في تصوير الانحراف الخلقي والاجتماعي الذي ابتلي به الجيل المعاصـر، وختم المؤلف هذا الفصل بإلقاء ضوء على «رد فعل هذا الأدب الجنسي».
أما الفصل الخامس والأخير فهو في «هجوم الأدب على الدين».
بيَّن المؤلف ـ رحمه الله ـ في هذا الفصل أن الأدباء التقدميين في بداية حركتهم التقدمية قد شددوا الهجوم على الأديان، وبالأخص على الإسلام؛ لأنهم ظنوا أن الاتجاه الإسلامي يعارض أهدافهم أكثر من الأديان الأخرى.
ونقل قبسات عدد من الأدباء التقدميين لإثبات قوله هذا. وأثبت كذلك أن عددًا من كُـتَّاب هذه الجماعة يهاجم الدين وينقص من قيمته، حتى حاول البعض منهم النيل من دعوة الأنبياء عليهم الصلاة والتسليم.
كما ذكر أن هذا الاتجاه الأدبي وهذه الحركة التقدمية لا تهدف إلا إلى محاربة الدين والاستخفاف بأتباعه، وهؤلاء مأجورون مستخدَمون من قبل الشيوعية، والآن قد خفّ أثرهم لكن لا ينكر وجودهم في مجتمعنا المعاصـر.
وفي نهاية المطاف ألحق المؤلف ـ رحمه الله ـ تعليقاته الماتعة البديعة بالكتاب، وفيها ـ ما عدا المصادر والمراجع ـ تراجم مختصرة للأدباء المعروفين، وبالأخص المنتمين إلى شبه القارة الهندية. ومن ثم فهرس الموضوعات.
وهكذا ينتهي هذا الكتاب الجامع في صورة مبتكرة وتنسيق جميل.
*وبهذا الكتاب المختصر المهم في موضوعه أراد شيخنا ـ رحمه الله ـ إبلاغ رسالة إلى الجيل المعاصر والشباب الواعد، وهي: نشر الأدب الهادف الذي يدفع الشاب المسلم على التمسك بذيول الأدب الصالح المتسم بالقيم الخلقية العالية والآداب الفاضلة النبيلة، وبهذا نتمكن من تأدية دورنا في إنشاء مجتمع صالح إسلامي نزيه.*

[جزء من كتاب: الدكتور مقتدى حسن الأهري في ضوء مؤلفاته: دراسة تحليلية استقصائية، بقلم: راشد حسن المباركفوري].

Leave a Reply

avatar
3000
  Subscribe  
Notify of