التعريف بأبي عوانة وكتابه المستخرج على صحيح مسلم

فاروق عبد الله النَّرَايَنْفُورِي الحديث وعلومه

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله وصحبه أجمعين, أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, وبعد:
لقد تَنَوَّعَتْ المُصَنَّفات في مَجال خدمة السنة النبوية وتَكاثَرَتْ, منها كتب المُسْتَخْرَجَات, وهي الكتب التي يَقصِد فيها مُؤلِّفوها إلى كتاب من كُتُب السنة المُسنَدة, فيُورِدون أحاديثها بأسانيدَ لأنفسهم من غير طريق صاحب الكتاب المُستخرَج عليه, إلى أن يَلتَقوا معه في شيخه أو مَن فوقه. [شرح التبصرة والتذكرة (1/121), وفتح المغيث (1/57)]
وقد بدأ التأليف في هذا النوع من المُصنَّفات في أواخر القرن الثالث, وامْتَدَّ إلى القرن الثامن الهجري, فمِن أبرز ما صُنِّفَ في هذا النوع من المُصنَّفات: «المستخرج على جامع الترمذي» لأبي علي الطُّوسي (ت 312هـ), و«المستخرج على صحيح مسلم» لأبي عَوانة الإسفراييني (ت316هـ), و«المستخرج على صحيح البخاري» لأبي بكر الإسماعيلي (ت371هـ), و«المستخرج على صحيحَيْ البخاري ومسلم» لأبي نُعيم الأصبهاني (ت430هـ), وغيرها من المُصنَّفات القَيِّمة.
قُمْتُ في هذا البحث المختصر بالتعريف بكتابٍ من كتب المستخرجات, وهو كتاب «المستخرج على صحيح مسلم» لأبي عوانة الإسفراييني رحمه الله, والكلام فيه ينقسم إلى قسمين:
الأول: التعريف بصاحب الكتاب الإمام أبي عوانة الإسفراييني رحمه الله.
الثاني: التعريف بكتاب «المستخرج على صحيح مسلم» له.

أولًا : التعريف بصاحب الكتاب الإمام أبي عَوانة الإسفراييني رحمه الله:
اسمه ونسبه ونسبته وكنيته: هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم بن يزيد, النيسابوري, الإسفراييني, يُكَنَّى بأبي عوانة رحمه الله. [وفيات الأعيان (6/394), وسير أعلام النبلاء (14/417)]
مولده: وُلد رحمه الله بعد الثلاثين ومئتين كما قال الحافظ الذهبي في «سير أعلام النبلاء» (14/417).
نشأته ورحلاته العلمية: كان رحمه الله أحدَ الحُفَّاظ الجَوَّالين في أقطار الأرض مَشارقِها ومَغاربِها لطلب العلم, وغالِب من تَرْجَمَ له ذكر أنه ممن أكثر التِّرحال وطافَ البلاد وبَرَعَ في هذا الشأن, ووصفه الحافظ أبو عبد الله الحاكم بأنه من الرَّحَّالَة في أقطار الأرض لطلب الحديث. [الأنساب للسمعاني (1/143)]
وقال ابن خَلِّكَان: ” كان أبو عوانة أحد الحُفَّاظ الجَوَّالِين, والمحدِّثين المُكثِرين، طافَ الشام ومصر والبصرة والكوفة وواسط والحجاز والجزيرة واليمن وأصبهان والريّ وفارس”. [وفيات الأعيان (6/393)]
ويقول الحافظ الذهبي: "طَوَّفَ الدنيا وعُني بهذا الشأن”. [تذكرة الحفاظ (3/779)]
وقال: "سمع بالحرمَيْن والشام ومصر واليمن والثُّغور والعراق والجزيرة وخراسان وفارس وأصبهان, وأكثر التِّرحال وبرع في هذا الشأن وبَذَّ الأقران”. [سير أعلام النبلاء (14/417)]
أشهر شيوخه: سبق أن أبا عوانة أكثر الرحلة في طلب الحديث وطاف الدنيا لأجله, فحصل له الأخذ عن جَهَابِذة الحديث وفُرْسانه في عصره, منهم: مسلم بن الحَجَّاج القُشَيري, وأبو داود السجستاني, وأبو عبد الرحمن النسائي, ومحمد بن يحيى الذُّهْلي, وأبو حاتم الرازي, وأبو زرعة الرازي, وعبد الله بن الإمام أحمد, ويعقوب بن سفيان الفسوي, وعلي بن حَرْب, ويونس بن عبد الأعلى, وغيرهم.
أشهر تلاميذه: لقد استفاد من علمه رحمه الله جَمٌّ غَفير من أهل العلم, من أَشْهَرِهم: أحمد بن علي الرازي, وأبو أحمد ابن عدي, وأبو أحمد محمد بن أحمد الغِطْرِيفي, وأبو بكر, الإسماعيلي وأبو علي النيسابوري, وأبو القاسم سليمان الطبراني, وأبو مصعب محمد بن أبي عوانة (ولده), وأبو نُعيم عبد الملك بن الحسن الأزهري (ابن ابن أخته), وغيرهم.
عقيدته: كان رحمه الله على عقيدة أهل السنة والجماعة, ويدل على ذلك أمور:
1 – لقد أثنى عليه علماء أهل السنة ثناء عَطِرًا, وما تَكَلَّموا في عقيدته.
2 – عَقَدَ التَّراجُم في كتابه في الرد على بعض الفرق الضالة, مثلًا: "أبواب في الرد على الجهمية”.
3 – أن الشيوخ الذين تَلقَّى عنهم العلم رحمه الله هم أئمة أهل السنة في عصرهم كالإمام مسلم وأبي داود وأبي زرعة وأبي حاتم الرازيين وعبد الله بن الإمام أحمد صاحب كتاب "السنة” وغيرهم.
4 – أن الغالب على من اشتغل بأحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم في ذلك الزمن هو التَّمسُّك والاعتصام بعقيدة أهل السنة والجماعة.
حاله من حيث الجرح والتعديل: هو من الثقات الأثبات وحفاظ الحديث, وقد أثنى عليه جماعة من العلماء.
قال أبو عبد الله الحاكم: "أبو عوانة من علماء الحديث وأثباتهم ". [الأنساب (1/143)]
وقال الحافظ الذهبي: "الحافظ الثقة الكبير”. [تذكرة الحفاظ (3/779)]
وقال ابن تغري بردي: "الحافظ المحدث, كان إمامًا”. [النجوم الزاهرة (3/250-251)]
وهو ليس في هذه المرتبة العليا فحسب, بل ذكره الحافظ الذهبي في الطبقة السابعة ممن يُعتَمَد قوله في الجرح والتعديل. [ذكر من يعتمد قوله في الجرح والتعديل (ص440)]
منزلته عند العلماء: لقد بلغ الحافظ أبو عوانة مرتبة عالية في علم الحديث والفقه, وكان حافظًا يُضرَب به المَثَل في الحفظ, ومع براعته في علم الحديث رزقه الله الفقه في الدين, فكان إمامًا من أئمة المذهب الشافعي, بل له قَدَم سَبْق في إدخال كتب الشافعي في إسفرايين. [السير (14/420)]
قال السَّمْعاني: "أحد حفاظ الدنيا, ومن رحل في طلب الحديث, وعُنِي بجمعه, وتَعِب في كتابته”. [الأنساب (1/143)]
وقال ابن الأَثير الجَزَري: "أحد حفاظ الدنيا”. [اللباب (1/55)]
وقال الحافظ الذهبي: "وكان مع حفظه فقيهاً شافعيًّا إمامًا”. [العبر في خبر من غبر (2/65)]
وقال ابن كثير: "كان من الحفاظ المكثرين والأئمة المشهورين”. [البداية والنهاية (11/159)]
وقال ابن تَغْرِي بَرْدِي: "الحافظ المحدث كان إمامًا, طاف البلاد, وصَنَّف المسند الصحيح المخرج على صحيح مسلم, حَجَّ عدَّة حَجَّاتٍ, وكان زاهدًا عابدًا ". [النجوم الزاهرة (3/250)]
مؤلفاته: ما وقفتُ على مُؤَلَّف له غيرَ مسنده الصحيح المستخرج على صحيح مسلم, وما وجدت أحدًا ممن تَرْجَمَ له ذكَر غيره من مؤلفاته.
والعلامة عمر رضا كحَّالة كتب عنوانًا في ترجمته: "من آثاره”, ولم يذكر إلا هذا الكتاب فقط. [معجم المؤلفين (4/124)]
لكن تُوجَد نصوص عن بعض الأئمة تشير إلى كثرة مُؤلَّفاته رحمه الله ومسموعاته.
ومن ذلك قول عبد الغافر الفارسي في ترجمته لعبد الملك بن الحَسَن الأزهري الإسفراييني حيث قال: "وأجاز له أبو عوانة ولجماعة معه بجميع كُتُبه ومسموعاته”. [منتخب السياق لتاريخ نيسابور (326)]
وقال الحافظ الذهبي في ترجمة عبد الملك: "وقد أجاز أبو عوانة لأبي نُعيم جميع كتبه في كتاب كَتَبَه في وصيَّته له ولجماعة”. [السير (17/72)]
وفاته: تُوُفِّي رحمه الله سنة ثلاث مئة وستة عشرة من الهجرة. [السير (14/417)]
قال ابن أخت أبي عوانة المحدث الحَسَن بن محمد الإسفراييني: "تُوُفِّي أبو عوانة في سَلْخ ذي الحجة سنة ست عشرة”. [السير (14/419)]

ثانيًا: التعريف بالكتاب:
تَسمِيَته: طُبِع الكتاب باسم «مُسنَد أبي عوانة», واشتهر به بين الناس, والمراد بالمُسنَد هنا الأحاديث المُسنَدة, لأنه لم يُرَتَّبْ على مسانيد الصحابة, بل على الأبواب الفقهيَّة.
وسمَّاه كثير من العلماء بـــــ "المسند الصحيح المُخَرَّج على كتاب مسلم” أو "على صحيح مسلم”, منهم: السمعاني في «الأنساب» (1/143) وابن خلكان في «وفيات الأعيان» (6/393) وابن تغري بردي في «النجوم الزاهرة» (3/222) وابن منظور في «مختصر تاريخ دمشق» لابن عساكر (28/37) وعمر رضا كحالة في «معجم المؤلفين» (4/124).
وسمَّاه ابن الصلاح في «صيانة صحيح مسلم» (ص88) بــــ «مختصر المسند الصحيح المؤلف على كتاب مسلم», وتابعه على ذلك النووي في «شرح صحيح مسلم» (1/26) وحاجي خليفة في «كشف الظنون» (1/555).
وسمَّاه الحافظ الذهبي وابن حجر "صحيحًا”. [المعين في طبقات المحدثين (ص110), و فتح الباري 5/119]
توثيق نسبته إلى المؤلف: لا شك في نسبته إلى الحافظ أبي عوانة رحمه الله, وذلك للأمور التالية:
1 – كل من تَرجَم له ذكر أنه مُؤلِّفه؛ بل لم يذكروا في مُؤلَّفاته سوى هذا الكتاب.
2 – عدم وجود خلاف –حسب علمي- في نسبته إليه.
3 – أَطْبَقتْ النسخ الخطِّيَّة على نسبته إليه.
4 – قد استفاد من كتابه هذا جميع من جاء بعده من العلماء ونقلوا عنه وأحالوا إليه.
4 – طُبِع منسوبًا إليه رحمه الله، ولم يَسْتَشكِلْ أحد في ذلك.
وهي كافية لنسبة الكتاب إليه رحمه الله.
مَصَادره: لقد قصد رحمه الله أحاديث «صحيح مسلم» فأخرَجها بإسناده من غير طريق مسلم, وزاد عليه عدة زيادات في داخل الأبواب, وهي الأحاديث التي حصل له في رحلاته العلميَّة المُتعدِّدة عن مشايخه النُّبَلاء.
منزلته بين دواوين السنة: قد ذكره العلماء من مَظَانِّ الأحاديث الصحيحة خارج الصحيحَيْن, وهو مُستَخرَج على صحيح الإمام مسلم, ومن أهمِّ المَراجع لمعرفة الرواة المُبْهَمِين والمُهْمَلِين في الأسانيد حيث يَعتَنِي بذلك كثيرًا فيه.
درجة أحاديثه: فيه جميع أقسام الحديث من الصحيح والحَسَن والضعيف, إلا أن الغالب على أحاديثه الصحة؛ لأنه مُستخرَج على صحيح الإمام مسلم, وأحاديث مسلم اتفق العلماء على صحتها, لكن المُستَخرِج لا يَلتزِم ألفاظ الكتاب المُسْتَخرَج عليه, بل يَروي ما وقع له من مشايخه من الألفاظ, وهذا لا يُحكَم له بالصِّحَّة مطلقًا؛ بل حُكْمه حسب ما تقتضيه قواعد علوم الحديث من الصِّحَّة والحُسْن والضَّعْف.
وقد زاد أبو عوانة أحاديثَ كثيرة على صحيح الإمام مسلم, ويُوجَد فيها جميع أقسام الحديث.
قال الحافظ ابن حجر: "كتاب أبي عوانة وإن سمَّاه بعضهم مُستخرَجًا على مسلم, فإن له فيه أحاديث كثيرة مُستقلِّة في أثناء الأبواب, نَبَّهَ هو على كثير منها, ويُوجَد فيها الصحيح والحَسَن والضعيف –أيضاً- والموقوف”. [النكت على كتاب ابن الصلاح (1/291-292)]
شرط مؤلِّفه فيه: لم يُقَدِّمْ المصنِّفُ لكتابه بمُقدمة يُبَيِّن فيها شرطه؛ لكن العلماء وَصَفوا كتابه بالصحيح كما تقدَّم، إلا أن الذهبي قال: "وزاد في كتابه متونًا معروفة بعضها لين”. [سير أعلام النبلاء (24/75)]
وقال ابن حجر: "فإن له فيه أحاديث كثيرة مستقلة في أثناء الأبواب نَبَّه هو على كثير منها, ويُوجَد فيها الصحيح والحسن والضعيف”. [النكت على كتاب ابن الصلاح (1/ 291)]
وبهذا يَتَبَيَّن أنه لم يَشتَرِط الصحة فيما زاده من الأحاديث، وكذلك لم يَشترِطْ في الرواة الذين يَصِلُ من طريقهم إلى شيخ مسلم أو شيخ شيخه أن يكونوا ثقاتٍ أو صَدُوقِين, بل فيهم الضعيف, والضعيف جدًا, بل الكَذَّاب والوَضَّاع كذلك, ومن الأمثلة على ذلك: إسحاق بن إدريس الأسواري أبو يعقوب البصري, وأحمد بن عيسى الخشاب التنيسي المصري, وأحمد بن طاهر بن حرملة ابن يحيى التجيبي المصري, وفيض بن وثيق, وتليد بن سليمان أبو إدريس الأعرج الكوفي المحاربي, والوليد بن محمد الموقري أبو بشر البلقاوي, والعباس بن الفضل أبو عثمان البصري, وجعفر بن عبد الواحد الهاشمي, وخالد بن يزيد العمري المكي, ومعلى بن عبد الرحمن الواسطي, وغيرهم.
فهولاء وَصَمَهم أئمة الجرح والتعديل بالكَذِب, وخَرَّج لهم أبو عوانة في «مستخرجه», فليس من شرطه أن يُخَرِّج للمقبولِين فقط, بل خَرَّجَ للجميع, فلا يُقال عن راوٍ خَرَّجَ له أبو عوانة في «مستخرجه» أنه ثقة أو صدوق عنده, وهذا بَيِّنٌ لمن تأمَّل وأَمْعَنَ النظر في «مستخرجه», والله أعلم.
مَنْهَجُه: إن من آكَد الشروط للاستفادة من كُتُب المحدثين معرفة مناهجم في كُتُبهم, وقد سبق أن ذكرتُ أنه لم يُقَدِّم لكتابه بمقدمة يبين فيها منهجه الذي يتبعه في كتابه, وإنما يُعرَف ذلك بالنظر في كتابه, فالذي تبيَّن لي من منهجه رحمه الله:
رَتَّبَ الكتاب على الكتب والأبواب الفقهية, وقد تَبِع ترتيب الإمام مسلم في سَرْد الكُتُب غالبًا؛ إلا أنه خالَفه في تقديم بعض الكتب على بعض, وتأخير بعضها.
عَقَد التراجم للكتب والأبواب من عنده رحمه الله.
يذكر كل حديث بإسناده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, ولا يذكر معلقًا إلا قليلًا.
زاد أحاديث كثيرة على «صحيح مسلم» في أثناء الأبواب, والأحاديثَ المستقلةَ أيضًا.
يُقَطِّع متن الحديث الطويل, ويذكر كل قطعة منه في الموضع اللائق به.
يعتني بذكر طرق الحديث المتعددة عن شيخ واحد, ويستعمل حرف «ح» التحويل عند ذلك.
يهتم اهتمامًا بالغًا بتعيين المُبهَمات والمُهمَلات من الأسماء في الإسناد.
عنده دقة في استعمال صيغ التحديث؛ مثلًا: حدثنا, وأنبأنا, وأخبرني, وكتب إليّ, وغير ذلك.
يذكر الآثار الموقوفة أيضًا –وهي قليلة- مع الأحاديث المرفوعة.
يحيل إلى المتون السابقة كثيرًا بكلمة "مثله” و”نحوه”.
إذا اجتمع أكثر من واحد في طبقة من الإسناد فيُنَبِّه على صاحب اللفظ, ويعتني بذلك.
تبويبه للأحاديث يدل على فقهه رحمه الله, حيث كثيرًا من التراجم يبلغ ثلاثة أسطر فأكثر, وهو يُشْبِه بذلك «صحيح الإمام ابن خزيمة رحمه الله».
يستعمل كلمة الجرح والتعديل من عنده ومن غيره أحيانًا.
إذا كان الحديث منسوخًا يُبَيِّن ذلك.
يَشرَح بعض الغريب أحيانًا.
إذا أخطأ بعض الرواة في بعض الكلمات فيُبيِّن ذلك.
يستدل أحيانًا ببعض الأحاديث على مسائل علوم الحديث؛ مثلًا لمَّا ذكر حديث تحويل القبلة, قال: "وهذا الحديث مما يُحتَجُّ به في إثبات الخبر الواحد”. [المسند له (1/329, ح1168)]
يبين من صَرَّح في الإسناد بالتحديث, ومن عَنْعَنَه.
يَفْصِل المُدرَج في المتن.
يَستنبِط من الحديث أحيانًا بعد إخراجه المسائلَ الفقهية المُتعلِّقة به (وهذا غير التبويب).
عناية العلماء به: لم يَعتَنِ العلماء بمسند أبي عوانة على مَرِّ العصور كاعتنائهم بالكتب المشهورة غيره, وقد عُني به بعضُ العلماء سماعًا وانتقاءً وفهرسًا وتحقيقًا وغيرها من الجوانب, أذكر هنا ما وقفت على بعض الخدمات حول هذا الكتاب:
1 – سمعه أبو المظفر بن السمعاني, وكذلك الحافظ ابن حجر على شيخه الحافظ العراقي رحمهم الله. [المسند لأبي عوانة (1/342), وإتحاف المهرة (1/162)]
2 – انتقاه الحافظ الذهبي في جزء ضَخْم كله عَوَالٍ ومُوافَقات. [إتحاف المهرة (1/162)]
3 – ذَكَر أطرافه الحافظ ابن حجر في كتابه «إتْحاف المَهَرة بالفوائد المُبتَكرة من أطراف العشرة».
وقد ذكر الحافظ أنه وقع له الكتاب كاملًا من شيخه أحمد بن أبي بكر المقدسي مُكاتَبة, ومع ذلك لا يوجد أطراف بعض الأحاديث في «إتحاف المهرة» قد أحالها الحافظ في «الفتح» إلى صحيح أبي عوانة.
4 – فَهْرَسَه عبد الرحمن دمشقية بعنوان «فهارس مسند أبي عوانة , فهرس الأحاديث والآثار».
وطُبِع من دار طيبة للنشر والتوزيع بالرياض, عدد صفحاته (120), وكتب مقدمة مختصرة في حياة المؤلف وكتابه المسند.
5 – فَهْرَسَه كذلك أبو عبد الله طالب بن محمود العرادة بعنوان «الإبانة في ترتيب أحاديث وآثار مسند أبي عوانة».
وطُبع من مكتبة دار الأقصى, ط/1, 1407هـ, عدد صفحاته (140) .
6 – طُبِع الكتاب من دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن الهند في أربع مجلدات: الأول والثاني والرابع والخامس, والجزء الثالث مفقود فيها.
وقد عَثَرَ عليه الشيخ أيمن بن عارف الدمشقي فطَبَعه بعنوان «القسم المفقود من مسند أبي عوانة المستخرج على صحيح مسلم» من مكتبة السنة بالقاهرة , 1416هـ .
7 – حَقَّقَه الشيخ أيمن بن عارف الدمشقي في خمس مجلدات, وطُبع من دار المعرفة بيروت لبنان, الطبعة الأولى , 1419ه-1998م.
بعض أجزائه فيها مفقودة, وصل به إلى كتاب اللباس, وبقي له كتاب الفضائل والرقى والطب والبر والصلة والقدر والعلم والدعوات والرقاق والتوبة وصفات المنافقين وصفات الجنة والفتن وأشراط الساعة والزهد والتفسير وغيرها من الكتب.
وقد ذكر الحافظ ابن حجر بعض هذه الكتب في مقدمة إتحاف المهرة أنه دخل في مسموعه من شيخيه الحافظ العراقي وأبي الطاهر محمد بن محمد الربعي, وهي لا توجد في هذه الطبعة من المسند.
8 – حَقَّقَتْه مجموعة من طلاب الدراسات العليا بكلية الحديث الشريف بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية, وطَبَعَتْه عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية في واحد وعشرين مُجَلَّدًا, عام 1435هـ-2014م, بعنوان: «المُسنَد الصحيح المُخرَّج على صحيح مسلم», وهي أفضل طبعة له.
وذكر الشيخ عبد الله المدني حفظه الله (أحد الباحثين) أنه ليس ثمة نسخة كاملة للكتاب فيما وقف عليه، لكن بمجموع تلك النسخ التي تحصل عليها يمكن الحصول على نسخة مُلَفَّقَة ينقصها بعض الكتب والأبواب. [مقدمة الجزء المحقق من مسند أبي عوانة للشيخ عبد الله المدني (ص 54) (غير مطبوع)]
هذا ما تَيَسَّر لي جمعه وتدوينه من المعلومات حول هذا الإمام الجليل رحمه الله وكتابه العظيم, أسأل الله عز وجل أن يُيَسِّر لنا جميعًا فهم السنة النبوية والعمل بمقتضاها, والله ولي التوفيق والقادر عليه.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

Leave a Reply

avatar
3000
  Subscribe  
Notify of