من المعلوم أن الکتاب والسنة مصدران أساسیان للإسلام، وهما باللغة العربیة الخالصة، فلا بد لمن یرید المعرفة عن الإسلام أن یعرف قواعد ھذہ اللغة معرفةً تامةً، ویتقن أصولھا غایة الإتقان، ویطلع علی علم إعرابھا اطلاعاً کاملاً، فبذلك یستطیع أن یتمتع بطعم ھذہ اللغة وحلاوتھا حق التمتع، ویتسنی له إدراك معاني الکتاب والسنة ومفاهيمهما ومقاصدهما حق الإدراك، ویتیسر له فھم أسرارھما ورموزھما حق الفهم.
ولاشك أن الجامعات والمدارس تھتم من البداية بتدریس قواعد ھذہ اللغة وترسیخھا في أذھان الطلاب، حتی في بعض الجامعات تُدَرَّسُ القواعد العربیة من الصفوف الابتدائية حتى الصفوف العليا، ومع ھذا الاهتمام البالغ بتدريسها، قد نرى أنه یوجد النقص في تطبیقھا لدی كثير من الطلاب. والملفت للنظر أنھم قد یکونون حافظین لأکثر القواعد العربية عن ظھر قلب، ویستطیعون تقدیم القواعد النحوية والصرفية بکل یسر وسھولة، لکنھم یواجھون المشاکل في تطبیقھا وبالتالي في الإنشاء العربي.
قد واجھت ھذه المشكلة واستشعرت خطورتها خلال السنوات الماضية عند اختبار الطلاب الجدد بجامعة الھدی الإسلامیة، حيث وجدت أكثر الطلاب يعرضون القواعد النحوية والصرفية بكل سھولة، لکنھم يواجھون المشاكل في تطبیقھا في النصوص والعبارات العربية مواجھةً شديدةً، وتعتريھم الصعوبات الشديدة في تكوين الجمل العربية حسب تلك القواعد التي درسوھا وحفظوھا حفظَ الببغاوات، بدون معرفة طرق استخدامھا.
ولاریب أن ھذا الخلل یرجع إلی عدم الاعتناء بالناحیة التطبیقیة في تدریس القواعد العربية، والتشبث بالکتب القدیمة الخالية من التمرينات والتدريبات الضرورية التي لا تلائم أذھان طلاب العصر الراھن. ففي کثیر من الجامعات والمدارس الھندية تُدَرَّسُ حتی الآن ھدایة النحو، والکافیة، وأمثالھما من الکتب التی خلت من العناوین الجانبیة والأسئلة والتمرینات التی تساعد علی توصیل القواعد وترسیخھا فی أذھان الطلاب بيسر وسھولة. وليس غرضي من ذكر ھذا تقليل أھمية "ھداية النحو” و”الكافية” وأمثالھما من الكتب النحوية القديمة، كلا إنھا من الأھمية بمكان، وإنما أردت أنه قد كتبت ھدایة النحو والکافیة وأشباھھما من الكتب النحوية القديمة فی العصور الماضیة التي کان الدارسون فيها یرغبون فی المتون المختصرۃ، ویفھمونھا عن طریق شرح الأستاذ بدون صعوبة، لکن فی عصرنا ھذا یرغب الطلاب في أن تُقَدَّمَ إلیھم القواعد بأسلوب واضح رشیق مع التطبیقات والتدریبات الضرورية التي تعينھم على فھمھا واستخدامھا.
قصارى الكلام أن طلاب العصر الراھن فی حاجة ماسة إلی معرفة تطبیق القواعد العربية؛ ليتعلموا العربية السليمة مع أساليبھا وآدابھا، وھذہ الحاجة الملحة تدعو أھل الجامعات ومسؤوليھا إلی أن یُدخلوا في المناھج الدراسیة الکتب التي اعتنت بعرض القواعد مع التدریبات والتمرينات الضروریة، وقدمت القواعد بأسلوب میسر مطابق للعصر الراھن، وإلا سیزداد الطلاب تنفراً منھا وبالتالي من اللغة العربية، والعلوم الشرعیة.
ولا یخفی علی أحد أن الغرض الأساسي من تعلم القواعد العربیة وتعليمھا وتدريسها، ھو معرفة اللغة العربية مع أسالیبھا وآدابھا، ولا فائدۃ في نفس ھذہ القواعد إلا إذا یدرسھا الدارس لإتقان اللغة العربیة، ومن ثَمَّ العلوم الشرعیة، فلا یفوتکم الغرض الأساسي من تعلم ھذہ القواعد. وفقنا الله وإياكم.