دور الأساتذة في تنمية المسيرة العلمية للطالب

جنيد يوسف التعليم والتربية

تحية لأساتذتنا، انطباع شخصي وبعض من صاحبتهم في الدراسة
الأساتذة بمثابة الآباء لتلاميذهم في تربيتهم وإرشادهم إلى الجهة الهادفة في الدراسة والأدب، والتحلي بمكارم الأخلاق والصفات الحميدة، ويقومون بدور بارز في تقدمهم العلمي والاجتماعي، وتحول حياة البعض من التعاسة إلى السعادة، الأستاذ الحقيقي يربي تلميذه ويشجعه ويرشده ويقدم الدعم له، ويعطيه الهمة العالية بأقوال رائعة وتوجيهات قيمة لكيلا يفشل في الحياة، وكل ذلك باستراتيجيات عميقة؛ حسب احتياج الطالب، وإذا يهم الأستاذ فيطلب منه الجهد والعمل الكثير بقدر ما يتحمله وينمي موهبته العلمية وينبهه على الأخطاء، وقد عرفنا أن الأستاذ يرشد ويصحح الأخطاء ويجعله يقطع مسافته العلمية مهما كانت الظروف، وإذا قرأنا عن حياة الكثير من العلماء الذين حظوا بدرجة عالية وقاموا بدور بارز في المجتمع فنجد أنهم تأثروا ببعض الأساتذة الذين يذكرونهم دائما بذكر حياتهم العلمية لأنهم حققوا النجاح في ضوء إرشاداتهم وتوجيهاتهم وتدرجوا إلى هدفهم المنشود، وفي كل ذلك يرجع الفضل إلى هؤلاء الأساتذة المخلصين لأبنائهم.
ونحن طلابا نشاهد هذه الظاهرة ونحس هذا الأمر، ندرس ونلاحظ تعامل الأستاذ ورغبته، وحثه الطلاب على الجهد والاجتهاد، ونمعن النظر عليهم وما يريدون من طلابهم؛ حتى وجدنا أمثلة كثيرة للأساتذة الذين شجعوا وقدموا كل الدعم لأجلنا، وحتى نستفيد منهم بعد رحيلنا عنهم من مهد إلى مهد، نتوتر و نتعب وفي بعض الأحيان نلجأ أن نترك الدرس ولكن الأستاذ البارع لا يدرس فقط بل هو يدرس أوضاع الطلاب ويعمل على فكرة "الضعيف أمير الركب” ويقويهم ويهديهم إلى الكتب التي تفيدهم في مجال العلم، ويصرف ذهنه إلى شيء يعده مرة أخرى للدراسة وقبول ما يعرضه لهم، بالأسئلة واستعراض أحوالهم بالمناقشة، والقصة والحوادث والأشياء التي تشجعهم من جديد، ويلهم قلوبهم حب الدراسة ورغبة العلم والتعلم، ويعطيهم الأوقات الإضافية إسداء للمعروف، إحسانا لهم.
وحياة الأستاذ يؤثر على الطالب إيجابيا وسلبيا ويعتمد ذلك على الأستاذ؛ بكونه فعالا ونشطا فيكون الطلاب فعالين وناشطين، ويؤدون الواجبات والمهام حسب فاعليته، وبالعكس إذا كان الأستاذ غير مهتم تماما أو إلى حد ما فالطلاب لا يكترثون بالعموم إلا من كان جادا في سبيله، وإذا كان الأستاذ مجتهدا ويحث الطلاب على الاجتهاد فذلك يؤثر على كثير من الطلاب وهو يعامل معه كما يطلب.
قابلية الأستاذ وبراعته تساعد الطلاب في إقناعهم، فهو يلقي كلماته بكل صراحة وإلقاء مؤثرا؛ حتى لا يترك فجوة في الدرس، ويفتح آفاق أذهانه نحو الطلب الأكثر، ويلهمهم لينشأ في قلوبهم أبواب الأسئلة؛ فيوجهون الأسئلة، ويجيبهم الأستاذ، ويقنعهم، ويشبع نهمهم، ويدفعهم نحو الاستفادة من الكتب الموجهة في ذلك الباب، وينصحهم بمراجعة المكتبات، وحتى أذكر قول أستاذ لطلابه "لا بد أن تذهبوا إلى المكتبات ولو لم تقرؤوا شيئا فتتنقل بين رفات الكتب وتنظر إلى أسمائها ومؤلفيها لعلها تفيد يوما ما أو يجلب نظرك بعض الكتب” وبالفعل استفدت من هذه التجربة.
موهبته في فحص قابلية الطلبة ومعاملته معهم وأوضاعهم؛ أمر يسهل على الأستاذ التعامل بهم، وزيادة رغبتهم في نحو القراءة أكثر حيوية وفاعلية في المواد التي يدرسها، أو استخدام التقنيات التي تفيد الطلاب، ومن الأشياء التي تفيد الطلاب طريقة تدريسه وجديته؛ بحيث شعرنا من بعض الأساتذة أنهم يأتون إلى الدرس كأنهم ما أتوا إلا دفعا من أي شيء لا حياة فيهم ولا حيوية في دروسهم ولا شيئا يحول أنظار الطلاب إليه ولا تهمه صنيعة الطلاب، ومنهم من يستطردون كلاما لا يفيد ويتيهون في الأودية خارجا عن نطاق الموضوع والدرس حتى ينتهي الوقت ثم يرجعون ويأخذون من الأوقات ما لا يستحقون ولا يبالون بطبيعة الطلاب حتى تتعب منهم القلوب، ومنهم من يوجزون إيجازا مخلا يعقدون الكلام على الطلاب ويتركون الدرس مبكرا يفرح الطلاب بها ولكنهم يقعون في ورطة عندما يدق الاختبار أبوابهم وعندما يحين وقت الدخول في العمل، ومنهم من لا يراعي مستويات الطلاب ويشرحون كل ما في أذهانه عن الموضوع بكثافة ومادة علمية غزيرة حتى وللمبتدئين، ويشوش الأذهان فتنفر منه النفوس.
والأساتذة الجياد يراعون في طلابهم أوضاعهم ويتعاملون معهم بشفقة وينهجون منهجا وسطا يدرسون الموضوع ويشرحون حسب مستوياتهم لا يزيدون كثيرا يجعلهم يثقلون عليهم ولا يقلون قليلا يوقعونهم في الحرج، ولا يخرجون عن الموضوع دائما إلا رعاية بطبيعتهم لكيلا يصيب الملل، ويتعاملون معهم بشدة عندما يلاحظ الإهمال من الطلاب تربية لهم ونصحا، ويحترم آراء الطلاب ويشجعهم حتى بعض الأحيان لا يقولون صراحة بل يوازن بين الطلاب بتفضيل أحد بقول "كلام زميلك أرقى أو أحسن” بحيث لا يجرح مشاعر الطلاب.
ولو نتحدث عن أساتذتنا ودورنا بخصوص هذه الجائحة التي يعاني منها الجميع حتى ألجئ للدراسة على المنصات الإلكترونية التي كانت تجربة أولى للدراسة والاختبار، وكانت الطلاب في حدود الغرف والإنترنت، فعاملوهم برفق في الحضور والغياب مع محاولة كافة الإمكانيات للوصول إلى الهدف وإتاحة الفرص والمجالات لتشغيل عقلية الطلاب بالإضافة إلى أوزاعهم الذهنية والعقلية وتمديد الأذهان للقراءة والكتابة لإعطاء الدرجات، وجعلهم في تلقي المعلومات التي تطلب الدراسة الحالية بطريق متنوعة ومختلفة ومفيدة في غاية الهدف مع تعليمهم الطرق التي ستفيدهم في مواجهة المشاق في الدراسة بسبب الأوضاع الراهنة، ونظرا لذلك كتبت هذا المقال إشادة لإنجازاتهم ومراعاة الظروف الحالية في تقييم الطلاب وتصنيفهم وتعليمهم، وتحية من كل قلب ، وممن يرافقني في هذا الشعور تجاه الأساتذة الخلص البارعين في العمل ونتعلم من الجميع على أية حال ولو كان قليلا وعلينا احترام الجميع فألف تحية لهم.
وفي الختام إن الأستاذ هو الذي يربي الطلاب وينمي المواهب العلمية لهم، ونصيحة الأستاذ وإرشاده وطريقة تدريسه وتعامله وشدته وشفقته مع الطلاب تجعلهم أن يقطعوا مسافة العلم والأدب، ويتزنوا بزينة العلم ويخدموا الأمة والمجتمع ويلعبوا دورا بارزا في إصلاح الناس ويساهموا في الإضافة العلمية الراقية.

Leave a Reply

avatar
3000
  Subscribe  
Notify of