الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على إمام الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد،،،
فإن الناظر في أحداث العالم الإسلامي وخاصة في البلاد العربية والمسلمة في السنوات الماضية ليتقطع قلبه أسى وأسفا على ما جعلت الأمة تنشغل بنفسها، وتتناحر فيما بينها، ويقتل بعضها بعضا، فضعفت ضعفا على ضعف، ووهنت وهنا على وهن، فأما الوهن الأول فبسبب جرأة الزنادقة والمنافقين الذين يريدون استبدال دين الإسلام بما شرعه لهم أعداء الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وسعيهم بكل ما أوتوا لتصدير دينهم الوثني المجوسي إلى ديار الإسلام، وأما الوهن الآخر فبسبب بعض الجماعات المنتسبة إلى الإسلام التي تدعي نصرة الإسلام، لكن على أشلاء المسلمين وقتل النفوس البريئة، تزعم إقامة الدين وإعادة الخلافة لكن بالخروج على الحكام المسلمين واغتيالهم، وإثارة الفتن والقلاقل وسفك الدماء وانتهاك الحرمات في بلاد كانت آمنة هادئة مطمئنة قبل ظهور هذه الجماعات والحركات، فهانت الأمة على أعدائها، واستغل الأعداء واستعملوا لصالحهم أولئك الزنادقة وهؤلاء السفهاء للإجهاض على الأمة، فتكالبت أعداء الخارج مع أعداء الداخل على أمة محمد صلى الله عليه وسلم، فمزقوها كل ممزق، فكم من بلد دمر، وكم من شعب قتل وشرد، وكم من أرض عاثوا فيها ظلما وفسادا، فالله المستعان!
موضوعنا اليوم ليس الأعداء من الخارج ولا الزنادقة المنافقون الذين لا يؤمنون بما أنزل الله على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ولكن الذي يهمنا ويهم جميع المسلمين اليوم تلكم الفتنة العمياء والجهل الذي عمّ وطمّ، والسفه الذي جعل نفوسا تدعي أنها جماعة دعوية، إلا أنها لا تعرف سوى الخراب والدمار والقتل والدم.. (قلوب باتت قاحلةً جرداءَ من الرحمة والسلام فما يحدث من تفجيرات واغتيالات واعتداءات على الشعوب جريمة لها بصمة واحدة تكرر، وهي الهوية الإرهابية للجماعات التى تدعي أنها إسلامية وما هي إلا إجرامية ترتكب كل الموبقات باسم الدين، والدين منهم براء (كذا) فبأي ذنب تزهق أرواح بريئة وتتحول الدول إلى أكوام من الخيبات والأشلاء والعويل؟). [جرائم الإخوان – جريدة أخبار اليوم 23 مايو 2019].
فحصل بسبب هذه الدعاوي العريضة والإغراءات الباطلة وهي إقامة الخلافة الإسلامية -على حد زعمهم- لبس شديد بين الشباب في معرفة حقيقة هذه الجماعات، فاغتر عدد غير قليل بكلامهم المزخرف، وأسلوبهم المبهرج، واعتنقوا الجماعات المتطرفة التي تدس السموم في تعليماتهم المعسولة، وظنوها دينا وعِلماً، بينما هو تطرف وجهل، فقتلوا الأتقياء والأقرباء الأبرياء تقربا إلى الله تعالى -كما زعموا- ونسوا قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لَنْ يَزالَ المُؤْمِنُ في فُسْحَةٍ مِن دِينِهِ، ما لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرامًا) رواه البخاري.
وقد عهد الله إلى علماء الأمة بالبيان الناصع، وإيضاح الحق، ونهى عن كتمان العلم، فقال تعالى: (إِنَّ ٱلَّذِینَ یَكۡتُمُونَ مَاۤ أَنزَلۡنَا مِنَ ٱلۡبَیِّنَـٰتِ وَٱلۡهُدَىٰ مِنۢ بَعۡدِ مَا بَیَّنّـٰهُ لِلنَّاسِ فِی ٱلۡكِتَـٰبِ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ یَلۡعَنُهُمُ ٱللَّهُ وَیَلۡعَنُهُمُ ٱللَّـٰعِنُونَ) وأوجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقال تعالى: (لَوۡلَا یَنۡهَىٰهُمُ ٱلرَّبَّـٰنِیُّونَ وَٱلۡأَحۡبَارُ عَن قَوۡلِهِمُ ٱلۡإِثۡمَ وَأَكۡلِهِمُ ٱلسُّحۡتَ لَبِئۡسَ مَا كَانُوا۟ یَصۡنَعُونَ) فقام العلماء في كل زمان ببيان ضلال تلك الجماعات المنحرفة، وحذروا الأمة المسلمة من خطرها.
ولكن لما بلغ السيل الزُبَى، وتجاوز أمرهم، وعم في الأرض فسادهم، وقويت شوكتهم، وصاروا منبعاً ومولداً للإرهابيين، واقتدى بهم نظراؤهم وحذا حذوهم أمثالهم من الخوارج والظلمة والطغاة الذين كفروا الأمة بأجمعها، واستحلوا دماءها، واستباحوا حرماتها، قامت هيئة كبار العلماء في بلاد الحرمين الشريفين -حرسها الله تعالى- فأصدرت قراراً عن خوارج العصر جماعة الإخوان المسلمين بأنهم جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام، وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفرقة وإثارة الفتنة والعنف والإرهاب، جزى الله هيئة كبار العلماء خيرا عن عموم المسلمين على ما بينوا وحذروا ونصحوا للأمة.
لكن الذين أشرِبَتْ نفوسُهم وسَكِرتْ عقولهم بتلك الأفكار الخارجية والمتطرفة، والذين لا همّ لهم سوى الوقيعة في حكام المسلمين وعلمائهم، والذين نشأوا وترعرعوا على كتبهم وتربيتهم، ويحلمون دائما بالمناصب والسلطة لم يرُقْ لهم هذا القرار النافع، فصاروا يقعون في هيئة كبار العلماء بدون طائل، ويطعنون فيهم بقول باطل، ومن أولئك المتفيهقين المتشدقين المدعو الهندي بسيد سلمان الندوي الحسيني، فقد هذَى كعادته ما شاء له هواه من الهذيان واتهم علماء الأمة المعروفين بالعلم والهدى والزهد والتقى والصلاح والربانية بأمور تقشعر منها الجلود وترتعد لها القلوب، وتدمع لها العيون، فوجب على كل طالب علم أن يدافع عن أولئك الجهابذة المخلصين الذين بذلوا حياتهم في نصح الأمة، وإن كانوا في غنى عنه، فجهودهم وإخلاصهم أظهر من الشمس وأعلى من نجوم السماء وأثقل من جبال الأرض.
يا ناطح الجبل! أشفق على الرأس لا تشفق على الجبل
أما المدعو بسيد سلمان ندوي -المتبجح بنسبه الحسيني، والمتناسي للحديث (من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه) والخارجي بعقيدته الفاسدة، والمراسل ببيعته وتأييده إلى أبي بكر البغدادي رئيس الدواعش، والمعروف بولائه لأعداء الإسلام- تجاه قضايا المسلمين في الداخل والخارج، والطاعن في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن الصحابة رضي الله عنهم أجمعين كان فيهم منافقون! والطاعن في الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما، والحاقد على راوية الإسلام أبي هريرة رضي الله عنه.
وهو معروف بعدائه وحقده للسلف الصالح وأتباعهم رضي الله عنهم أجمعين، وقد قال الإمام أبو حاتم الرازي: ((علامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر)) [السنة للالكائي (1/179)]، وقال الإمام أبو عثمان الصابوني: ((وعلامات البدع على أهلها بادية ظاهرة، وأظهر آياتهم وعلاماتهم: شدة معاداتهم لحملة أخبار النبي –صلى الله عليه وسلم- واحتقارهم واستخفافهم بهم)) [عقيدة السلف (101)].
فبسبب أفكاره الشاذة ومعتقداته الباطلة، وتعاملاته الفردية وخروجه على مجلس الأحوال الشخصية للمسلمين في الهند (All India Muslim Personal Law Board) تم طرده منها ومن ندوة العلماء لكناو، ومثله لا يمثل أبدا مسلمي الهند، ولا يعبر رأيه الشخصي عن موقف المسلمين ولا عن آرائهم.
وأما ما قام به هذا الحزبي الإخواني في كلمته ضد قرار الهيئة من حث الشباب على الخروج على الحكام، وأن من قتل في ذلك فهو شهيد! واستدل بأحاديث ضعيفة، أو حرف الأحاديث الصحيحة وأولها تأويلا باطلا كعادته، فكلام باطل لا يلتفت إليه، وقوله هذا وأعماله التي تم ذكرها آنفا يدل دلالة واضحة على كونه من الخوارج الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم: (يقتلونَ أهلَ الإسلامِ ويدَعونَ أهلَ الأوثانِ).
وأما ما وصف هذا المتعالم هيئة كبار العلماء بكلمات نابية وعبارات بذيئة تدل على سقوطه الخلقي وقحطه العلمي وفراغه الإيماني، فالمتعالم لا يعرف قدر نفسه فكيف يعرف قدر علماء الشريعة الذين هم قوام الأمة والبلاد!
نعم! علماء المملكة العربية السعودية في غنى عن التزكية، بل هم العمدة والأساس في تزكية الناس وجرحهم وتعديلهم، وهم المرجع والمصدر للعالم الإسلامي كله في معرفة الحق من الباطل، وتمييز الخالص من المغشوش، وهم مصابيح الدجى وأنوار الهدى وحراس الدين وحماة العقيدة وهم صمام الأمان للأمة الإسلامية، فبهم يدفع الله البلاء عن أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وبهم ينصر الله دينه القويم، فمن تكلم فيهم بسوء فهو هيّ بن بيّ، وهيان بن بيان وفل بن فل، ولا يبغضهم إلا مبتدع أو منافق أو زنديق ملحد، ولا يحبهم إلا موحد مؤمن ناصح يحب الخير للإسلام والمسلمين، قال العلامة عمدة الفقهاء وبقية السلف صالح الفوزان -حفظه الله- (إن أعراض العلماء والمشايخ لا يقع فيهم إلا أحد ثلاثة: منافق أو فاسق أو حزبي ضال!).
قرار هيئة كبار العلماء في الإخوان جاء نصحاً للبشرية
نعم! إننا لنستنكر كل الردود والشبهات حول القرار -على اختلاف أنواعها ومصادرها- التي صدرت بدون علم بحقائق الإخوان، بل بسبب الحزبية النكراء والتعصب المقيت، ونؤيد كل التأييد قرارهيئة كبار العلماء عن الإخوان المسلمين بأنها منظمة إرهابية.
فقد صدر هذا القرار العادل بعد صبر طويل وحسن ظن وإحسان عميم بهم، وتجارب عديدة وشواهد عملية، وحقائق مرة شهد بها الليل والنهار.
ومن ميزة هذا القرار المنصف أنه لم يكفر الإخوان ولم يخرجهم من الملة الإسلامية، كما يقول ذلك متعصبوهم تهمة وزوراً، وينسبون إلى الهيئة تكفير القوم ظلماً وجوراً، مع أن عددا من أقطاب الإخوان كفروا قادة المسلمين وعلمائهم وعامتهم كما سيأتي! فأهل السنة والجماعة لا يعصون الله في خصومهم وإن كانت أعداؤهم لا يخافون الله فيهم!
أليست السعودية هي الدولة الوحيدة التي استقبلت علماء الإخوان المسلمين ووظفتهم وأعطتهم مناصب عالية في الدولة لما ضُيِّقَ الخناقُ عليهم وطُرِدُوا من مصر عام 1964م؟ أليست السعودية هي التي نصرتهم وأعانتهم وأصلحت أحوالهم، كما شهد بذلك صاحب السمو الملكي الأمير نائف بن عبد العزيز عليه وعلى والده المؤسس شآبيب رحمة الله!
فماذا كان جزاء هذا الإحسان من الإخوان لبلد الحرمين الشريفين؟ لم يكن إلا أنهم جازوا الإحسان بالإساءة، فقاموا بتغسيل أدمغة الشباب، وأدخلوا في مناهج التعليم فكرهم الغالي والمتطرف، واستغلوا ثرواتها في تنمية الإرهاب والتطرف، وحاولوا تحريض الشباب ضد الولاة والشعب المسلم الآمن! وكفروا قادتها وعامتها، فجعلوا منهم من قتل أمه وأباه وأخاه وابن عمه وقريبه، ويعتقد مع ذلك التقرب إلى الله بعمله الخائن والغادر!؟
فقد جاء قرار هيئة كبار العلماء على أسس شرعية، وثوابت معلومة، ولم يكن هذا القرار مُسَيَّساً كما زعم ذلك الحزبيون المفرقون للأمة، بل كان ذلك منهم أداء للواجب الذي جعله الله على العلماء والمصلحين.
قرار هيئة كبار العلماء في الإخوان ليس بجديد
قرار هيئة كبار العلماء في الإخوان لم يكن جديدا، فقد سبق هذا القرار فتاوي عديدة من مراكز الإفتاء ومن علماء الشريعة أن الإخوان جماعة إجرامية إرهابية.
قال شمس الأئمة أبو الأشبال أحمد محمد شاكر (ت 1958م) رحمه الله: (الشيخ حسن البنا وإخوانه الـمسلمين الذين قلبوا الدعوة الإسلامية إلى دعوة إجرامية هدَّامة، ينفق عليها الشيوعيون واليهود، كمـا نعلم ذلك علم اليقين). [تقرير عن شؤون التعليم والقضاء ص 48].
قال العلامة محمد بن عبدالوهاب البنا –رحمه الله تعالى: (وكان أول من سنَّ بدعة الخروج على الحكَّام في العصر الحديث هو: حسن البنا، وذلك عن طريق المظاهرات والانقلابات) [مقدمة كتاب التفجيرات والأعمال الإرهابية والمظاهرات].
وصدرت فتوى دار الإفتاء المصرية بتاريخ 21 فبراير 2019م (أن جماعة الإخوان الإرهابية خوارج العصر أعداء مصر، نشروا الدمار والخراب باسم إقامة الدين).
وأما إرهاب هذه الجماعة فحدث ولا حرج! قد شهد بذلك القاصي والداني، بل يشهد على ذلك كتاباتهم العديدة وتصريحاتهم المختلفة، وتاريخهم المليء بالاغتيالات والتفجيرات ومحاولات قلب الحكومات المسلمة، وقد قال قائلهم كما سيأتي: (الإرهاب فريضة والاغتيال سنة!!)، وأعمالهم شاهدة عليها.
وما جلب خريفهم العربي -وليس الربيع العربي- من الويلات والنكبات والهلاك والدمار على مسلمي بلاد تونس وليبيا ومصر وسوريا واليمن ليس ببعيد، وأنهم عملاء لأعداء الإسلام والمنافقين، فقد تبين للعالم أجمع أنهم يتعاونون مع الروافض في تنفيذ خططهم الخبيثة في تخريب البلاد الإسلامية، فلا عجب على كل هذا، فإن كتبهم مليئة بتكفير الأمة المسلمة، والدعوة إلى الخروج على الحكام المسلمين، وتسويغ الإرهاب والقتل والدمار في الدول المسلمة.
ويفعلون كل هذا على جهل وضلال فيما أعلم والله أعلم وأحكم، وقد تكون نياتهم صحيحة، لكنهم ينهجون غير نهج القرآن والسنة والصحب الكرام، ويسلكون مسلك الخوارج كلاب أهل النار، يسعون إقامة حكومتهم الإسلامية المزعومة القائمة على الباطل والضلال، يتبعون في ذلك طرق الشياطين والمجرمين، ويتركون طريق الرسل في إصلاح المجتمعات والدول، فهدفهم الأول والأخير هو الحكومة والسلطة! كما جربوا ذلك في عهدهم في مصر أيام رئيسهم محمد المرسي، فحاربوا أولياء الله، ووالوا أعداء الله، ففتحوا الحسينيات التي لم تعرفها مصر بعد الدولة العبيدية!
الهدف الأول للإخوان هو السلطة والحكومة !
وضعت الإخوان الحصول على السلطة في أولوياتها، بل اعتبرتها من أركان الإسلام، كما قال البنا في رسالة المؤتمر الخامس: "وهذا الإسلام الذي يؤمن به الإخوان المسلمون يجعل الحكومة ركنا من أركانه، ويعتمد على التنفيذ كما يعتمد على الإرشاد”.
فكأنّ السلطة صارت عندهم ركنا سادسا من أركان الإسلام، فبذلت الجماعة جهودها كلها لتحقيق حلمها وهي السلطة، وأنه لا سبيل إلى إقامة الدين دون السلطة والحكم، فقد أباحت الخروج على الحكام وإهراق الدماء المعصومة واستخدام القوة والعنف في سبيل تحقيق هدفهم.
فالتركيبة النفسية لأبناء هذه الجماعة والتكوين الأساسي لها هي الوصول للحكم ولو جر ذلك إلى استخدام العنف والفوضى والقتل والدمار كما يرى ذلك الدكتور خالد الجندي عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في مصر قال: "المخلوقات الإخوانية تضع أمامها هدفا يكون دونه الرقاب كما يقولون، وهو الوصول إلى السلطة، فهذا الأمر بالنسبة للإخوانى غاية وأمنية ودين، ويرى الحياة الدنيا والآخرة تبدأ من كرسي الحكم، ويسخر القرآن والسنة وكل قيم الحياة في سبيل الوصول إلى مبتغاه الذي يكون بالنسبة له منتهى الأمل والطلب”.
ويضيف: "من أجل الوصول إلى السلطة كل شيء مباح عند الجماعة الإرهابية، فالقتل مباح، والكذب، وإرهاب المجتمع وتكفير الآخر، فضلا عن ازدراء كل الثوابت المجتمعية. "..
وقال العلامة معالي الدكتور صالح بن عبد العزيز آل الشيخ -حفظه الله- وزير الشؤون الإسلامية في السعودية سابقا (من مظاهرهم -يعني الإخوان- بل مما يميزهم عن غيرهم أن الغاية عندهم من الدعوة هو الوصول إلى الدولة، هذا أمر ظاهر بين فى منهج الإخوان بل فى دعوتهم، الغاية من دعوتهم هو الوصول إلى الدولة، أما أن يُنجِي الناسَ من عذاب الله جل وعلا، وأن تَبْعَثَ لهم الرحمة بهدايتهم إلى ما ينجيهم من عذاب القبر وعذاب النار، وما يدخلهم الجنة، فليس ذلك عندهم كثير أمر ولا كبير شأن، ولا يهتمون بذلك لأن الغاية عندهم إقامة الدولة و لهذا يقولون : الكلام فى الحاكم يجمع الناس و الكلام فى أخطاء الناس ومعاصيهم يفرق الناس! فابذلوا ما به تجتمع عليكم القلوب! وهذا لا شك أنه خطأ تأصيلي ونية فاسدة) اهـ.
ويستخدمون جميع الوسائل التي توصلهم إلى الهدف المنشود على قاعدة "الغاية تبرر الوسيلة” من التقية والكذب والتأويل والتحريف!
يقول خالد الجندي: "منذ تأسيس الجماعة …. رأينا كيف يبدعون في تأويل وتحريف النصوص واختلاق الأكاذيب واستغلال العاطفة لدى الشعوب وتحويل المساجد إلى قلاع إرهابية، فضلا عن تسميم الأفكار وغسيل العقول وتفخيخ المنابر باسم الدين، وفي الأخير خرجت علينا فرق الاغتيالات والجماعات التكفيرية، وكلها فرق من أصحاب المذاهب البراجماتية التى لا تؤمن بقيم الإنسانية والمواطنة واحترام الآخر”. [العين الإخبارية بتاريخ 18/6/2020م].
فأصول الإرهاب والعنف بغية الوصول إلى الكرسي متجذرة في جماعة الإخوان المسلمين منذ زمن مؤسسها الحسن البنا، ويتبين للباحث أن ظاهر هذه الجماعة دعوة ونصح وباطنهم عنف وإرهاب، وخروج على الحكام المسلمين وقتل ودمار للأمة المسلمة، وعلى هذا تجد تقية الرافضة فيهم، بل يتعاونون معهم في تدمير البلاد والسعي في الأرض بالفساد، فهم يتحينون الفرص، وينتظرون الوقت المناسب للخروج والغلبة على المخالفين وإظهار القوة ضد المسلمين أنفسهم.
يقول الحسن البنا في التأكيد على أن الإخوان سيسعون للوصول إلى الحكم بالقوة: (يتساءل كثير من الناس هل في عزم الإخوان المسلمين أن يستخدموا القوة في تحقيق أغراضهم، والوصول إلى غايتهم .. ثم يجيب قائلاً: إن الإخوان المسلمين سيستخدمون القوة العملية حيث لا يجدي غيرها، وحيث يثقون أنها عُدَّة الإيمان والوحدة ..).
ثم يردف ويقول: ” فإن قعود المصلحين الإسلاميين عن المطالبة بالحكم جريمة إسلامية، لا يكفرها إلا النهوض واستخلاص قوة التنفيذ من أيدي الذين لا يدينون بأحكام الإسلام الحنيف (مجموعة الرسائل – دار الدعوة (الاسكندرية) – 1990 – صفحة 191).
تكفير الإخوان لمن خالفهم من المسلمين
إن مما يؤسف له أن ما نراه اليوم من قتل وتدمير في بلاد المسلمين فإن مرد ذلك هو اعتقاد الجماعات التي تدعي أنها دعوية بأن كل من لا يوافقها من المسلمين فهو كافر، وأنه يجوز قتله واغتياله، ولا سيما إذا كان له صلة بالحكومة المسلمة من الجنود والشُرَطِ والقضاة والحكام حتى العلماء، وأن من قُتِلَ من هؤلاء المتهورين التكفيريين في سبيل ذلك فهو شهيد، وممن جعل هذا أصلا من أصول منهجه منذ قرن تقريبا الإخوان المسلمون، الذين يرون من يخالفهم من المسلمين كفارا، وأنهم لا يستحقون العيش، وأن حكام المسلمين اليوم في رأيهم كفار!
ولقد صدق التابعي الجليل أبو قلابة عبد الله بن زيد الجرمي (ت 104هـ) حيث قال رحمه الله: (ما ابتدع قوم بدعة إلا واستحلوا السيف!) [سنن الدارمي بإسناد صحيح].
قال حسن البنا مؤسس الجماعة :
(وموقفنا من الدعوات المختلفة التي طغت في هذا العصر ففرقت القلوب وبلبلت الأفكار أن نزنها بميزان دعوتنا، فما وافقها فمرحباً به، وما خالفها فنحن برآء منه). [مجموع رسائل البنا ص17].
وقال سيد قطب في كتابه "ظلال القرآن”:
(البشرية عادت إلى الجاهلية وارتدت عن لا إله إلا الله، البشرية بجملتها بما فيها أولئك الذين يرددون على المآذن في مشارق الأرض ومغاربها كلمات لا إله إلا الله بلا مدلول ولا واقع، وهؤلاء أثقل إثما وأشد عذابا يوم القيامة، إنهم ارتدوا إلى عبادة العباد من بعد ما تبين لهم الهدى ومن بعد أن كانوا في دين الله).اهـ
[في ظلال القرآن، الجزء الثاني صفحة (1057)].
وقال أيضاً:
(إنه ليس على وجه الأرض اليوم دولة مسلمة، ولا مجتمع مسلم، قاعدة التعامل فيه هي شريعة الله، والفقه الإسلامي). اهـ [في ظلال القران ج4 / ص 2122].
وقد اعترف الدكتور يوسف القرضاوي -ممثل الإخوان في قطر سابقا- بمنهج سيد قطب في التكفير فقال: ( .. في هذه المرحلة ظهرت كتب سيد قطب التي تمثل المرحلة الأخيرة من تكفيره الذي ينضح بتكفير المجتمع وإعلان الجهاد الهجومي على الناس كافة .. ). [أولويات الحركة الإسلامية ص 110 ].
ويقول فتحي يكن الأمين العام السابق للجماعة الإسلامية في لبنان:
( .. واليوم يشهد العالم أجمع ردة عن الإيمان بالله، وكفراً جماعيًا وعالميًا لم يعرف له مثل من قبل .. ). [كيف ندعو إلى الإسلام ص 112].
يقول سعيد حوى قائد الإخوان في سوريا:
( .. لقد واجهت الحركة الإسلامية المعاصرة ردة عن الإسلام تكاد تكون أخبث من الردة الأولى .. ). [المستخلص في تزكية النفس ص 8].
– يقول علي عشماوي آخر قادة التنظيم الخاص :
( .. جاءني أحد الإخوان وقال لي إنه سوف يرفض أكل ذبيحة المسلمين الموجودة حاليا ، فذهبت إلى سيد قطب وسألته عن ذلك، فقال: دعهم يأكلوها ويعتبرونها ذبيحة أهل الكتاب، فعلى الأقل المسلمون اليوم هم أهل كتاب .. ). [التاريخ السري لجماعة الإخوان ص 80].
فالحكم على عموم الأمة أنها ارتدت وعادت للجاهلية الأولى، وأنهم كفروا بالله لمجرد أنهم ليسوا مع الإخوان في منهجهم وفكرهم، هو هذا الذي مهد أتباعهم للخروج على الأمة، وهو النتيجة الطبيعية للمنهج الذي وضعه المرشد المؤسس حسن البنا وبنى عليه سيد قطب من بعده، وسقاه بمزودة أفكاره التكفيرية، فاستبيحت دماء الأبرياء ! ولم يفرق بين الصغير والكبير، ولا بين الرجل والمرأة! بل تجد الرجل يقتل أباه وأمه وأخاه وأخته والعياذ بالله!
وهذا الفكر الضال الخارجي قد كان سببا لنشأة الجماعات التكفيرية، بل منه تولدت ورضعت وترعرت قاعدة أسامة بن لادن وداعش أبي بكر البغدادي وجماعات أخرى تحمل تكفير الأمة والحكام المسلمين، كما اعترف بذلك الدكتور يوسف القرضاوي!
قال أبو محمد المقدسي (من أعظم منظري التكفير) عن نفسه: (… بل قد أمضيت عمراً في رافد تصحيحي من روافد الإخوان الذين قد أرضعونا الظلال والمعالم وغيرها من كتب سيد وأخيه والمودودي). [ميزان الاعتدال في تقييم كتاب "المورد الزلال”].
قال أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة: (سيد قطب هو الذي وضع دستور الجهاديين).
فهذا شاهد على نتاج التكفير الذي فرخته جماعة الإخوان المسلمين!!
هل تحتاج جماعة دعوية إلى جهاز عسكري في داخلها؟
والناظر في تاريخ الجماعة والمطلع على أنشطتها وكتبها وأدبياتها يرى اهتمامها البالغ بإعداد جهاز عسكري شبه ميليشيا اليوم داخل تنظيمها، وإن المسلم كريم النفس ليسأل متعجباً: هل تحتاج منظمة دعوية إلى جهاز عسكري؟
وهو سؤالٌ يجيبُ عليه حسن البنا بقوله: ("إن الحق جميل رائع لا يحتاج إلى شيء في حد ذاته ولكنه يحتاج إلى القوة، ولن يعيب الحق أن تسنده القوة، وأن الحق والقوة سلطان لا يُقهر والحق الضعيف خفي لا يظهر…وما كانت القوة إلا كالدواء المر الذي تُحمل عليه الإنسانية العابثة المتهالكة حملا ليرد جماحها ويكسر جبروتها وطغيانها”).
جريدة النذير العدد 25، 22 رمضان 1357 (نوفمبر 1938) ص 6/7
بدأ حسن البنا بتطوير "نظام الرحلات” للجماعة فأنشأ ما أسماه بـ”نظام الجوالة”، والغرض منها معرفة قدرات ومهارات الأفراد الجسدية والعقلية لمعرفة الإخوان الذين وصلوا إلى مرتبة "الأخ العامل” وتوفرت فيهم مجموعة من الشروط الجسدية والنفسية ليرتقوا بعد ذلك إلى مرتبة "الأخ المجاهد” والتي تشكل منها "النظام الخاص” للإخوان المسلمين سواء في شقه المدني أو العسكري. (انظر: محمود عبد الحليم: الإخوان المسلمون، أحداث صنعت التاريخ، ج1، ص 161/162).
و”التنظيم الخاص” عبارة عن جيش اتخذ شكل مليشيا شبه عسكرية، مهماتها يغلب عليها السر والخفاء، يُعرف محمود الصباغ هذا الجهاز فيقول: "وهو تنظيم سري عسكري خصص لأعمال الجهاد في سبيل الإسلام”.
ويقول: إن "أعضاء الجهاز يمتلكون -دون إذن من أحد- الحق فى اغتيال من يشاءون من خصومهم السياسيين، فكلهم قارئ لسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في إباحة اغتيال أعداء الله!” [ حقيقة التنظيم الخاص ص429].
ويقول حسن البنا:
"وفي الوقت الذي يكون فيه منكم معشر الإخوان المسلمين ثلاثمائة كتيبة قد جُهزت كل منها نفسيا وروحياً بالإيمان والعقيدة وفكرياً بالعلم والثقافة وجسمياً بالتدريب والرياضة، في هذا الوقت طالبوني بأن أخوض بكم لجج البحار، وأقتحم بكم عنان السماء، وأغزو بكم كل عنيد جبار، فإني فاعل إن شاء الله! وصدق رسول الله القائل (ولن يغلب اثنا عشر ألفاً من قلة) إني أقدر لذلك وقتاً ليس طويلاً…وقد تستطيعون أنتم معشر نواب الإخوان ومندوبيهم أن تقصروا هذا الآجل إذا بذلتم همتكم وضاعفتم جهودكم، وقد تهملون فيخطئ هذا الحساب وتختلف النتائج المترتبة عليه فأشعروا أنفسكم العبء وألفوا الكتائب وكوِّنُوا الفِرَقَ، وأقبلوا على الدروس، وسارعوا إلى التدريب، وانشروا دعوتكم في الجهات التي لم تصل إليها بعد، ولا تضيعوا دقيقة بغير عمل”. ["رسالة المؤتمر الخامس” تحت عنوان "متى تكون خطوتنا تنفيذية”].
الإرهاب فريضة والاغتيال سنة!
عنون أبو مصعب السوري بقوله: إرهاب الأعداء فريضة دينية، واغتيال رؤوسهم سنة نبوية، ثم ذكر الدرس الأول الذي تلقاه من مدربه الإخواني فقال:
(كان لي من العمر 22 عاما. وكان ذلك في معسكر الرشيد التابع للجيش العراقي ببغداد سنة 1980. ولما دخل علينا المدرب – وكان- رحمه الله – رجلا فاضلا , وشيخا مسناً من الرعيل الأول , من الذين بايعوا الشيخ حسن البنا رحمه الله لما كان عمره 17 عاما .. وصحب سيد قطب رحمه الله … وكان مدربا في معسكرات الشيوخ في شرقي الأردن مع منظمة التحرير سنة 1969… فكان يدربنا المواد العسكرية ويجري معنا في الطابور الرياضي – رغم سنواته التي ناهزت الستين – ويلقي فينا المحاضرات . وأذكر أنه أول ما دخل على الفريق المكون من 30 شابا هم نخبة الجهاز العسكري للإخوان السورين في حينها، كان أول ما قاله لنا بلهجته المصرية : (إنتو إخوان مسلمين ؟) فقلنا نعم . فقال : (متأكدين يبني) ؟ قلنا متأكدين . فقال مشيرا إلى عنقه: (يِبَقى حَتِدِّبْحُوا كُلُّكُو ..موافئين ؟) ..فقلنا جميعا والسرور والبهجة تغمرنا : موافقين يابيه.. فاستدار إلى السبورة وكتب عليها عنوان أولى المحاضرات : (الإرهاب فريضة و الاغتيال سنة) ! وخط تحتها خطا واستدار لتبدأ الدروس… وهذا الذي لخصه الشيخ – رحمه الله – جزء من عقائد هذا الدين! .) اهـ [كتاب "دعوة المقاومة الإسلامية العالمية” ص 1368].
ثم استدل بالآيات التي نزلت في قتال الكفار وطبقها في المسلمين على طريقة الخوارج فذكر الحكام المسلمين في مقدمة سبعة أهداف للعمليات العسكرية فقال:
(وأهم هذه الأهداف العسكرية للمقاومة من قوى الردة والنفاق في بلادنا:
(1) – الحكومات العربية والإسلامية:
وذلك باستهداف ملوكها ورؤسائها وأمرائها وكبار وزرائهم ومسؤوليهم الكبار فقط . ولاسيما الذين يرتكز عليهم مشروع الغزو الأمريكي، أو من ترتكز عليهم الحملات الأمنية من كبار المسؤولين ورجال الطبقة الأولى …… فالمطلوب فقط تصفية كبار رؤوس المرتدين المتحالفين مع الحملات الأمريكية الغازية وقصدهم هجوماً). [دعوة المقاومة الإسلامية ص 1378-1380].
وذكر أهم الأهداف المعادية التي ينبغي تصديها وتدميرها في بلاد المسلمين: النفط ومصادر الطاقة من المنبع إلى المصب، ومناجم الثروات المعدنية، والمضائق البحرية والمعابر المائية الرئيسية، وضرب الأهداف الإستراتيجية لحلفاء الحملات الصليبية اليهودية في البلاد العربية والإسلامية.
ويعلل تجويز تلك الأعمال اللاإنسانية بقوله: (قد يقول قائل بأن هذا النفط هو مورد عيش المسلمين في تلك البلدان المصدرة للنفط .. وهذا غير صحيح، إنها مصدر نهب العدو لهذا الشريان المتدفق عليهم بالطاقة والصناعة والمال ..) اهـ [دعوة المقاومة الإسلامية ص 1375 – 1378].
الاغتيالات الإخوانية
بدأت قائمة الاغتيالات من قبل جماعة الإخوان في منتصف عقد الأربعينيات مِن القرن الماضي، و طالت الاغتيالات كبار رجال الدَّولة في مصر، فبدأت باغتيال أحمد ماهر رئيس وزراء مصر في عام 1945، ثم اغتيل المستشار والقاضي أحمد الخازندار عام 1948 بيد محمود زينهم وحسن عبد الحافظ سكرتير حسن البنا، حينما كان ينظر القاضي في قضية تورط الإخوان في تفجير دار سينما مترو، واغتيل محمود فهمي النقراشي رئيس الوزراء آنذاك في شهر ديسمبر عام 1948 بعد حله جماعة الإخوان المسلمين واعتقال أعضائها، وأصدر البنا بيانا بعد العملية، استنكر فيه عملية الاغتيال معتبرا أن مرتكبيه "ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين”، لكن المرشد المؤسس مات دون أن يتخذ أي إجراء لحل التنظيم الخاص أو يعلن رفضه للأعمال التي ارتكبها.
(وتظهر هذه الوقائع بشكل لا لبس فيه تورط المرشد المؤسس في العنف وإجازته له، ثم محاولة تضليل الرأي العام والسلطات بأن الإخوان ليسوا جزءا من العنف الذي سفكت فيه دماء سياسيين وقضاة وروع من جراءه مدنيون مصريون). [سكاي نيوز عربية 17/1/2019م].
وفي يناير عام 1949، حاول شفيق حسن أحد المنتمين لجماعة الاخوان المسلمين، تفجير محكمة الاستئناف بصندوق فيه متفجرات، وفي عام 1954م حاول الإخوان اغتيال الرئيس جمال عبد الناصر، وأطلقوا عليه ثماني طلقات من مسدس نار، إلا أنه نجا وأصيب شخصان، وفي عام 2015م اغتيل النائب العام هشام بركات في سيارة ملغومة.
كما قتلت الجماعة أحد قيادات نظامها الخاص السيد فايز عبد المطلب العام 1953 بطرد مفخخ.
وفي الآونة الأخيرة بعد وقوع حوادث عديدة من المظاهرات والعنف والقتل والتدمير في حكومة الإخوان بمصر، والتي بدأت في 22 نوفمبر عام 2012م، والتي بعد ذلك تم عزل محمد مرسي من الحكومة في 3 يوليو 2013م، أعلنت مصر في 25 ديسمبر 2014م أن جماعة الإخوان منظمة إرهابية.
وما ذكرته هنا إنما هي بضع أمثلة على أعمالهم الإرهابية في بلد ولدت فيه جماعة الإخوان ونشأت بها، وإلا فإن تاريخهم في الإرهاب يطول، وقد تولدت من الإخوان تنظيمات إرهابية تستخدم أسلوب القوة والعنف والإرهاب للوصول إلى هدفهم، كما انتشرت عمليات العنف في البلاد الأخرى غير مصر.
آثار الخريف العربي على البلاد العربية
اندلعت ثورات عائمة في بلدان عربية في أواخر عام 2010م وأوائل عام 2011 في تونس وليبيا ومصر واليمن وسوريا، وكانت النتيجة أن تم تدمير أربع دول عربية، وهي العراق وليبيا وسوريا واليمن، زادت خسائرها الاقتصادية عن تريليون دولار بحسب تقارير صحفية، وتُقدر أعداد اللاجئين والنازحين فيها بالملايين، وزادت أعداد القتلى عن مليون قتيل ومفقود وجريح، إضافة إلى ما لحق البنية التحتية من دمار هائل في تلك الدول، مع ارتفاع نسب البطالة والفقر إلى أرقام مضاعفة جدا. [عربي 21 في تاريخ 30 ديسمبر 2019].
لا شك أن جماعة الإخوان المسلمين والمتأثرين بها كان لهم دور في إذكاء نار الثورات التي باءت بقتل المسلمين وتشريدهم ودمار البلاد الإسلامية، وقد اعترف الدكتور يوسف القرضاوي بأنه هو ودولة قطر وحكومتها وقفت مع هذه الثورات ونصرتها وأيدتها!!
الخلافة الإسلامية التي يناشدها الإخوان!
فازت جماعة الإخوان المسلمين في انتخابات 2012م وتولى الدكتور محمد المرسي منصب رئيس جمهورية مصر لمدة عام ما بين 2012-2013، فما هي التغييرات التي قامت بها حكومة الإخوان المسلمين في هذه الفترة؟ فهل كانت حكومتهم على منهاج الخلافة الإسلامية التي ينادون بها دوماً؟ والتي يريدون لأجلها إطاحة الحكومات الإسلامية ولو كانت دستورها القرآن والسنة، وتطبق الشريعة الإسلامية؟
يقول القرضاوي: (والله لا نريد دولة دينية! ولا أحد يريد دولة دينية؟ الدولة الدينية مرفوضة عندنا! ونحن نريد دولة مدنية!).
وقال محمد مرسي: (لا يوجد في الإسلام ولا في العالم ما يسمى دينية!).
وقال: (وأنا أوكد أنه نحن نريد الدولة المصرية الوطنية الديموقراطية الدستورية الحديثة!).
سئل محمد مرسي في مقابلة تلفزيونية: هل ستطبقون الشريعة الإسلامية في حال ما إذا فزتم؟ فأجاب بقوله: (الشريعة الإسلامية موجودة في الدستور المصري… ثم سألته المذيعة فقالت: لا.. الأول .. الأحكام اللي هي قطع يد السارق؟ فأجاب: لا لا لا دي مش الشريعة لا، هذه أحكام فقه!!).
وقال: (ما فيش خلاف بين العقيدة الإسلامية والعقيدة المسيحية، كل يعتقد بما يشاء، مُشْ خلاف عقائدي! خلاف يعني خلاف ديناميكي! خلاف آليات ووسائل!).
وقال: (مصادر الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع وليس المصدر الوحيد! ومصادر الشريعة الإسلامية ليس معناها أحكام الفقه! معناها الإطار العام!) [قناة تلفزيون البلد، وموقع صدى البلد تاريخ 9/11/2012م].
وقال في كلمته في ميدان التحرير وهو رئيس مصر: (..لأنني مؤمن تماما بأنكم مصدر السلطة والشرعية التي لا تعلو عليها شرعية!).
قال الدكتور أحمد فريد عضو مجلس أمناء الدعوة السلفية في مصر: (إن الرئيس محمد مرسي، خدعهم في وعوده الانتخابية ولم يُوفِ بها، وفتح الباب على مصراعيه للشيعة، موضحاً أن الرئيس لايزال جزءاً من جماعة الإخوان ولم ينفصل عنها، وإنها هي التي تدير البلاد بحسب قوله، وأكد أن «الدعوة السلفية» تعاني من التضييق والتهميش ومحاولة إبعادها عن المشهد السياسي) ورداً على سؤال لماذا تشددون في موقفكم من الشيعة؟ أجاب فقال: (لأنهم خطر على مصر، ودين الشيعة الذي يريدون نشره في البلاد هو خليط من اليهودية والنصرانية والمجوسية، ومعارضتنا لهم لأنهم يزعمون أنهم مسلمون، ولكن اليهودي عندما يأتي إلى مصر نقول له: « لكم دينكم ولي دين»، وقبل انتخاب الدكتور مرسي اشترطنا عليه عدم إدخال الشيعة إلى البلاد وقال لنا: «على جثتي لو دخلوا مصر» وعلى هذا الأساس قمنا بدعمه في انتخابات الرئاسة وفوجئنا بغير ذلك!).
[المصري اليوم 18/5/2013م]
وقد تبين للناس أن حكومة الإخوان التي يبكي على زوالها الجهال -لا أعادها الله- أنها كانت بيعا لعقيدة الأمة، وإحياء لشرك المشاهد والقبور، وأنه خيانة للعهد وخيانة للأمة وخيانة لعقيدة الأمة، وأن ما حدث (في أيام مرسي) أشد جرما مما حدث في عهد حسني مبارك! كما قال ذلك الدكتور أحمد فريد.
فتبين مما سبق حقيقة الخلافة الإسلامية التي يناشدونها، وأن هدفهم ليس إقامة الدين كما يتشدقون! بل إسقاط الدين وإبعاد الشريعة الإسلامية، فالله المستعان!
ختاماً…
إن هيئة كبار العلماء بإصدار قرارهم في جماعة الإخوان قاموا بأداء الواجب بالتحذير من المذاهب الهدامة، ونصحوا الأمة، وحذروا الشباب من الانخراط في جماعتهم، وأن التحزب والتفرق سبب ضعف المسلمين.
وقد أشادت دار الإفتاء المصرية -ومصر البلدة التي ذاقت مرارة هذه الجماعة مرارا- ببيان هيئة كبار العلماء السعودية باعتبار الإخوان جماعة إرهابية.
وأكدت في بيان لها أن قرار هيئة كبار العلماء السعودية باعتبار "الإخوان” جماعة إرهابية يؤكد أن المسلمين حول العالم يلفظون الجماعة الإرهابية، وأنها مؤسِّسة لكافة جماعات الإرهاب في العصر الحديث.
وكشف مرصد الفتاوى التابع لدار الإفتاء المصرية أن (بيان هيئة كبار العلماء حول جماعة الإخوان الإرهابية، كاشف وواضح فالجماعة لا تمثل منهج الإسلام، وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفرقة وإثارة الفتنة والعنف والإرهاب، مؤكدا أن هذا البيان هو الفصل الأخير في تاريخ الجماعة المحظورة التي تشرف على نهايتها).
وأوضح مرصد الإفتاء بأن بيان هيئة كبار العلماء السعودية قد استفاض في توضيح كافة صفات الجماعة المحظورة التي تسيء للإسلام والمسلمين، إذ إن الجماعة تسعى دائمًا لتقسيم المجتمعات ونشر الفوضى، فتحريض المواطنين على الشغب وممارسة العنف جزء أصيل في استراتيجية الجماعة الإرهابية.
وأشار المرصد إلى أن جماعة الإخوان ما استقر لها الحال في بلد ما إلا وساد فيها الخراب والدمار، فالتأسيس الحديث لشرعنة العنف بصبغة دينية كان على يد الإخوان، بدايةً من حسن البنا مؤسس الجماعة المحظورة، وما لبثت الجماعة أن تفرعت منها مختلف الجماعات الإرهابية التي يلقى على يدهم المسلمون الآن كل صنوف القتل والتخريب.
وشدَّد على أن بيان هيئة كبار العلماء جاء بعد دراسة طويلة ومتأنية لمنهاج وفكر جماعة الإخوان الذي يؤثر على وحدة الصف حول ولاة أمور المسلمين، أو تأسيس جماعات ذات بيعة وتنظيم، من أجل تحقيق مصالحها الذاتية التي لا علاقة لها بالإسلام، وزعزعة التعايش في الوطن الواحد.
وقال: إن بيان كبار علماء السعودية كشف فكر الإخوان الضال القائم على وصف المجتمعات الإسلامية بالجاهلية، مضيفا أنه ومنذ تأسيس هذه الجماعة لم يظهر منها عناية بالعقيدة الإسلامية، ولا بعلوم الكتاب والسنة، وإنما غايتها الوصول إلى الحكم؛ ومن ثم كان تاريخ هذه الجماعة مليئًا بالشرور والفتن، ومن رَحِمها خرجت جماعاتٌ إرهابية متطرفة عاثت في البلاد فسادًا مما هو معلوم ومشاهد من جرائم العنف والإرهاب حول العالم”.
وأخيرا أنقل جواب فضيلة العلامة صالح الفوزان حفظه الله على سؤال عن الاستخفاف بـ "هيئة كبار العلماء” ورميهم بالمداهنة والعمالة؟ فقال حفظه الله:
(يجب احترام علماء المسلمين، لأنهم ورثة الأنبياء، والاستخفاف بهم يعتبر استخفافاً بمقامهم، ووراثتهم للنبي صلى الله عليه وسلم واستخفافاً بالعلم الذي يحملونه. ومن استخف بالعلماء استخف بغيرهم من المسلمين من باب أولى، فالعلماء يجب احترامهم لعلمهم ولمكانتهم في الأمة، وإذا لم يوثق بالعلماء فبمن يوثق؟ وإذا ضاعت الثقة بالعلماء فإلى من يرجع المسلمون لحل مشاكلهم ولبيان الأحكام الشرعية؟ وحينئذ تضيع الأمة، وتشيع الفوضى. والعالم إذا اجتهد وأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر واحد، والخطأ مغفور.وما من أحد استخف بالعلماء إلا وقد عرض نفسه للعقوبة، والتاريخ خير شاهد على ذلك قديماً وحديثاً، ولا سيما إذا كان هؤلاء العلماء ممن وكل إليهم النظر في قضايا المسلمين، كالقضاة وهيئة كبار العلماء) انتهى .
علماؤنا تاجٌ على هاماتـــنا
سل عنهم التاريخَ في الأسفـــــار
وسل العدا قبل المُحبِّ لكي ترى
أصفى القلوبِ وأصدق الأخـــبار
سحَّوُا دموع الخوف في محرابهم
ذكروا الإله بأجمل الأذكـــار
واستخرجوا درر العلوم بفهمهم
من عمقها في بحرها الزخَّــار
ملكوا أعنَّةَ كلِ علمٍ نافـــع
يتمتعون بهيبةٍ ووقــــــار
يتألمون إذا تألم مسلــــم
ويناصرون الحق في إصــــرار
عملوا بما علموا فأصبح نورهم
كالبدر ليلَ التَّمِّ في الإسفـــار
وشعارهم تقوى الإله وقولهم
صدقٌ وحقٌ ليس فيه ممـــاري
كشفوا سبيل المجرمين وبينــوا
تزويرهم لحقائق الأخبــــار
ياحُسنَ منطقهم وحسنَ حديثهـم
ياطيب عيش أولئك الأطهـــار
إن كنت ترجو عند ربك رفعــةً
فاعرف لأهل العلم كل فخـــار
تعس الأُلى لا يعرفون لعالــمٍ
قدراً وذاك مظنـــــة الأوزار
يارب ثبتنا على سنن الهــدى
واحفظ هداة بقية الأخــــيار
واجعل لنا يارب منك هدايـــةً
بالحق حتى زورة الأقــــدار
* * * *
Leave a Reply