الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فلا شك في أن اللغة العربية لغة دينية للمسلمين وذلك لأن كتابهم المقدس قد نزل بها وذخائر الأحاديث النبوية الشريفة كلها توجد فيها، كما هي لغة جميع العلوم والمعارف الإسلامية، وبهذا السبب اهتم المسلمون بهذه اللغة المباركة في جميع الأنحاء المعمورة. وأما المسلمون الهنود فإنهم أيضا لم يتغافلوا عن أهمية اللغة العربية في أي عصر من العصور، بل إنهم أقبلوا على تعلمها ودراستها إقبالًا لائقاً، ليعرفوا أحكام الشريعة الإسلامية حق معرفتها، ويطلعوا على رموزها وأسرارها.
ولتحقيق هذا الهدف النبيل قام مسلمو الهند بتأسيس الكتاتيب والمدارس والمعاهد بحيث يتعلم الطلاب المسلمون اللغة العربية ويجيدونها نطقا وكتابة ويتقنون علوم الكتاب والسنة. ولهذا الغرض قام العلماء والأكادميون بتأليف كتب منهجية مفيدة في النحو والصرف والإنشاء. وكل من له أدنى إلمام بتاريخ اللغة العربية في شبه القارة الهندية يعرف جيدا ما للعلماء الهنود من خدمات وجهود في مجال تعليم اللغة العربية ونشرها وإعداد الكتب والمقررات الدراسية المشتملة على القواعد النحوية والنصوص العربية.
وبالرغم من هذه الجهود المشكورة لاحظنا على مر العصور والأزمان أن هذه الكتب الدراسية لا تسد حاجات طلابنا بطريق أمثل، كما أنها لا تراعي أذهانهم ولاتتوافق مع مستوياتهم، وفي بعض الأحيان نشاهد أن الطلبة يملون من هذه الكتب ويسئمون من منهج تدريسها وأخيرا يكتئبون ويتنفرون من التعليم نفسه ويودعونه في منتصف الطريق. فكانت الحاجة ملحة لإعداد مؤلفات تجذب أذهان المتعلمين وتمس قلوبهم بفضل بساطة مباحثها وسهولة منهجها وجاذبية محتوياتها.
والجدير بالذكر أن بعض العلماء الهنود قد قدموا في هذا الحقل نماذج لا يستهان بها و منهم الشيخ عبد الحميد الفراهي (1863- 1930) الذي ألف كتاب "الدر النضيد في النحو الجديد” في اللغة العربية، و”أسباق النحو” في اللغة الأردية وقام فيهما بتيسير القواعد النحوية والصرفية ودعا الأساتذة والمعلمين إلى تدريس النحو التطبيقي في المدارس العربية تجنبا من قواعد اللغة العربية العويصة المعقدة.
فتلبية لحاجات العصر وسد الفراغ في مجال المقررات الدراسية للمدارس والكليات اعتزم الأخوان الفاضلان ألا وهما السيد شميم احمد عبد الغفار والأستاذ محفوظ الرحمن حفيظ الله – بارك الله في حياتهما و جهودهما لخدمة لغة الضاد- على تدوين سلسلة من الكتب المدرسية التي تتميز بجميع تلك الشروط والأوصاف التي تعتبر ضرورية لتدريس لغة أجنبية في المدارس والمعاهد العصرية، وبذلا جهودا مضنية في إعدادها وإخراجها. وهكذا بدأت سلسلة بديعة رائعة باسم ” تعلم اللغة العربية ” في أجزاء مختلفة. والغرض منها تعليم الناشئين اللغة العربية الفصحى بأسلوب عصري ومنهج حديث وتمارين جذابة مع مراعاة أذهان الطلبة الصغار، وهذه كلها في بيئة إسلامية خالصة.
و قد صدرت من هذه السلاسل الذهبية النافعة سلسلة كتاب "تعلم اللغة العربية "، و” تعلم الكتابة”، و” تعلم المفردات”، و ” تعلم القرآن "، و” تعلم الأدعية "، وما إلى ذلك، وإنها تلفت أنظار الدارسين والمتعلمين بأوراقها الملونة ودروسها الشيقة وتمارينها الممتعة وتحوز على إعجابهم. وبهذا السبب نالت هذه السلاسل قبولاً ورواجاً في الأوساط التعليمية وأدخلت في المقررات الدراسية لبعض المدارس العربية والعصرية في جنوب الهند. فتجدر هذه المؤلفات الدراسية أن تدخل وتدرس في المدارس الإسلامية الكبرى الواقعة في شمال الهند أيضاً. ويستحق المؤلفان الكريمان الشكر والتقدير والتهنئة والثناء من قبل المهتمين باللغة العربية في الهند.
وإني، إذ أهنئهما على هذه الخدمة العلمية العظيمة للغة الضاد، أتقدم بفائق الشكر و الامتنان إلى حضرة الأستاذ السيد احمد ميران – حفظه الله ورعاه – المدير العام لمؤسسة "ريبوت ” الذي مد يد العون والمساعدة وقام بتمويل هذا المشروع العلمي خالصاً لوجه الله ولخدمة لغة الكتاب والسنة، فأسأل الله عز وجل أن يتقبل هذا العمل ويجعله في ميزان حسناتهم جميعاً ويوفقهم لمزيد من خدمة تجاه اللغة و الدين. فما من شك في أن هذه الإصدارات القيمة إضافة ثمينة في الكتب الدراسية العربية في الهند.

أستاذ مشارك
قسم اللغة العربية و آدابها
جامعة علي كره الإسلامية – الهند