وُكِل إليّ تدريب الطلاب على اللغة العربية تحدثا وحوارا وانطلاقا على دأبي أكلّف الطلاب على الواجبات فأمرتهم بالقيام ببعض الممارسات والتمارين لكنهم لم يقوموا بها كما ينبغي وتهاونوا بها فأوقفتهم شخصا بعد شخص للتحدث مع الزملاء فدعوت واحدا منهم وكان يتتعتع ولا يدري ما يقول فسألته هل تحب اللغة العربية قال نعم دون شك، قلت: مخلصا صدقا من قلبك ؟ قال أجل، قلت: لكن السؤال مابرح في مكانه يقتضي الإجابة السديدة المقنعة، أراك يا حبيبي تأنف عن العربية ولا ترغب فيها حق الرغبة وأنت تدّعي حبّك بها، تزعم أنك تحبّها وقد تشكو صعوبة اللغة وعدم انطلاقها على اللسان.
بينك وبين ادّعائك تناقض صريح هب أنّك تحب فتاة عربية جميلة وتريد الزواج بها ومرافقتها طيلة حياتك وهي لا تعرف أية لغة أخرى سوى العربية واشترطتْ عليك تعلم العربية، فما أنت صانع؟ هل تستجيب طلبتها أم لا؟ علما بأن رسائل الحب والصداقةالتي تأتيك من قبلها صباح مساء بالعربية الفصحى وأنت تجهلها، فماذا يكون موقفك إذاً؟ تسلّ ثيابك عن ثيابها وتحوم على وجهك أم تعقد العزم الصادق على تعلّمها بإجادة وإتقان، وقد شغفك حبها. فكان الجواب طبعا إنني سأتقن العربية وأبتغي إجادتها نزولا على رغبتها. أراجع من يتمهر فيها لكي أستطيع الرد على رسائل حبيبتي وأجاوب على مشاعرها وعواطفها وأدرك همساتها ونجواها
فقد سُقتُ الطالب مساق نفسيته تقريبا للفهم مدى ضرورة تعلم العربية بالجد والإتقان وللتنبيه على إغفال هذا الجانب من قبل معظم الدارسين
فقلت لهم: نحن أيها الطلبة ندّعي محبة اللغة العربية بوازع ديني دون أن تهوى أفئدتنا إليها بالمشاعر الصادقة فدعوى المحبة إذاً دعوى كاذبة زائفة لا أساس لها من الصحة، أليس كذلك؟ فأطرقوا رؤوسهم خجلا وأدركوا غفلتهم وقالوا بلسان واحد سنحبّ العربية حبا صادقا ولا نترك للإهمال أي سبيل، فأنشدتُّ لهم :
تعصي الإله وأنت تظهر حبه
هذا محال فى القياس بديع
لو كان حبك صادقا لأطعته
إن المحب لمن يحب مطيع .
تريد أن تهمس في أذنيها بالبنجالية أو بالأردية أو بالهندية وهي لا تعرف هذه اللغات كيف ينشأ حبكما ؟ كيف يكون بينكما التلاق، فمصيركما دون تعلّم لغة حبيبتك الطلاق .
أيها الأحبة!
لو أنزلنا العربية منزلة الحبيبة وصدقنا الحب بها لهانت لنا دقائق الكتب والأسفار ودانت لنا عصيات الكلم ويضاهي لساننا لسان العرب العرباء