( مؤلف هذه السلسلة هو الأخ شميم أحمد بن عبدالغفار أحد خريجي جامعة الملك سعود والحاصل على شهادة البكالوريوس في الدراسات الإسلامية بكلية التربية وعلى شهادة الدبلوم العالي من معهد اللغويات العربية، وشاركه في التأليف الأخ محفوظ الرحمن بن حفيظ الله، وهما مدرسان بالمدرسة المتحدة العامة بمدينة شناي، الهند)
اللغة العربية هي أحسن اللغات جمالا، وأروعها كتابة، وأكثرها إيقاعا، وأبلغها تأثيرا، وأفصحها بيانا، وأحلاها تعبيرا، وأسلسها نطقا وأداء. وهي أقدم لغة حافظت على جذورها وتراثها وسلمت من الانقراض والاندثار. وهي لغة القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. ولغة السنة النبوية الشريفة التي صانت جبينها وأبقتها على روعتها وسلاستها منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا. وهي لغة الدين الإسلامي الحنيف الذي يدين به أكثر من مليار مسلم فأصبحت جزءا لايتجزأ من حياتهم الدينية وأحكامهم الشرعية وانتماءاتهم الإسلامية. وهي لغة وطنية ورسمية لأكثر من أربعمائة مليون نسمة لا تنفك عنهم في ممارساتهم ونشاطاتهم اليومية. وقد اختيرت لتصبح واحدة من لغات منظمة الأمم المتحدة الرسمية التي يتداولها مندوبوها وأعضاءها في خطاباتهم ومفاوضاتهم عبر منصتها.
ومن حظ هذه اللغة العظيمة أن أصبحت لغة عالمية في زمن لا تكاد اللغات الأخرى تخترق محيطها الميلادي وثغرها القومي، ولكنها -بفضل الله تعالى- عبرت حدودها العربية وانتشرت في أقصى شرقها وغربها وطولها وعرضها. وحملها التجار العرب والدعاة المسلمون فحلت حيث نزلوها وأثرت فيمن تعلّموها فأصبحت لغتهم الدينية ووسيلة لتعلم اللغة العربية. وقد تأثرت بهذه اللغة الحلوة دول كثيرة وتسامت بروحانيتها. ولم تكن الهند بمنأى عنها، فقد كانت من أوائل الدول التي تشرفت بدعوة الإسلام وتنعمت بلغة القرآن وازدهرت بتعاليم الإسلام السمحة منذ دخوله فيها إلى يومنا هذا.
وقد اهتم أهل الهند بهذه اللغة اهتماما بالغا فأسسوا معاهد دينية ومدارس إسلامية لتدريسها وتعليمها أبناء المسلمين ليفهموا الإسلام والقرآن فهما صحيحا، فبدأت حركة الكتابة والتأليف باللغة العربية الفصحى وأنجبت علماء وأدباء وكتّابا تزخر المكتبات بأدبياتهم النوعية ومؤلفاتهم العلمية . وقد تحقق كل هذا – بعد توفيق الله – بمناهج تعليمية ملائمة لتلك البيئة والظروف والمتطلبات. ولكن قد مضى عليها قرون، وعفا عليها الزمن فلا تكاد تنجب أدباء متمكنين وعلماء بارزين في اللغة العربية إلا نادرا، وذلك لعدم مسايرتها الزمن وإيفاءها بمتطلبات العصر. وكذلك نجد المناهج التعليمية للغة العربية في المدارس الإسلامية هذه الأيام غير مؤثرة في إعداد المعلمين الأكفاء المتمكنين منها كلاما وكتابة والقادرين عليها تدريسا وتعليما إلا نادرا.
ولا شك أن التغير والتبدل من سنن الله تعالى، وهو مقبول ومطلوب ما دام لا يمس المسلمات الإسلامية وثوابتها، وأن التغيير في مناهج وطرق التدريس حسب متطلبات العصر أمر لا بد منه. وقد تأخرت المدارس في هذا الباب تأخرا محبطا للآمال، وبالتالي فشلت فشلا كبيرا في تخريج طلبة يحاورون فيما بينهم باللغة العربية الفصحى وتدريب معلمين قادرين على تعليمها بكل مهارة وجدارة. ولكن كما يقال إن "لكل مقام مقالا” فكذلك "لكل عهد رجال”. ومن هؤلاء الرجال القادرين على اللغة العربية، والمتحمسين لنشرها وتعليمها والساعين لجعلها لغة الحوار والتواصل هو شيخنا وأديبنا الشيخ شميم أحمد بن عبدالغفار ورفيق دربه وزميل عمله الشيخ محفوظ الرحمن بن حفيظ الله اللذان قاما بمشروع تعليمي مناهجي ضخم، وحملا على عاتقهما مسؤولية إعداد مناهج تعليمية للغة العربية بأساليب عصرية ووسائل تربوية لازمة. وقد تقدما في هذا المسار بهمة عالية، وإرادة حديدية، وعزيمة فولاذية فشرعا في صياغة منهج تعليمي لبرنامج "تعلم اللغة العربية” ليكون خطوة أولية مباركة في مسيرة الألف ميل، ومصدر إشعاع وإبداع في العملية التعليمية اللغوية في أرض الهند الخصبة.
بدأ المشروع في ظروف صعبة ولكن إصرار المؤلفين للمضي قدما في هذا السبيل الشائك وسعيهما الدؤوب على إكمال المشروع قد أتى بثماره وتحولت هذه النبتة العلمية المتواضعة إلى دوحة يستظل بظلالها الوارفة طلاب اللغة في طول الهند وعرضها. ولما صدر الجزء الأول من هذه السلسلة اللغوية تلقته الأمة المسلمة الهندية بالقبول والإشادة، و تزايد الطلب على الأجزاء الأخرى حتى صدر –بحمد الله- أكثر من عشرين كتابا/جزءا إلى يومنا هذا من هذه السلسلة اليانعة التي وجدت سبيلها في أكثر من مائة مدرسة إسلامية وعصرية وتقدم مسؤولوها بإدخالها في مناهجها الدراسية لتعليم اللغة العربية، كما تقدمت واحدة من أشهر الجامعات الهندية جامعة جواهر لال نهرو بدلهي باعتمادها في مناهجها الدراسية لتعليم اللغة العربية.
و هذه السلسلة القيمة تحمل في طياتها دروسا متنوعة متناسبة للمراحل العمرية للطلبة ونفسياتهم. فهي تراعي كل المراعاة بالمهارات اللغوية من الاستماع والمحادثة والقراءة والكتابة، وتولي اهتماما كبيرا بالصوتيات والمفردات والتعبيرات والتراكيب. وقد ركز المؤلفان بشكل كبير على التدريبات والتمارين لشرح الدروس شرحا وافيا، وقاما بتنويع التمرينات من ملء الفراغ، وتلوين الصور، وترتيب الحروف، وتكوين الكلمة والجمل، ووصل الحروف والكلمات، ووضع علامة الصحيح والخطأ، ومقابلة الصور بالكلمات وبالعكس وغيرها من الأمور التي أخذت في الاعتبار حسب ما تقتضيه الدروس. و أن النشاطات الإضافية من الأحاديث والقصص والأناشيد والحوار زانت من نكهتها اللغوية وأهميتها التعليمية. وقد حصل كل ذلك في جو ثقافي إسلامي ينمي ذكاء الطلاب ويطور قدراتهم اللغوية والتفكيرية والمهارية. كما أن هذه السلسلة لا تغض الطرف عن المعلم بل تساعده على كيفية تدريسها وشرحها وتقريبها للطلبة وتقدم له إرشادات هامة وتنبيهات لازمة يجب اتباعها ومراعاتها أثناء التدريس والتعليم.
وبالجملة، فهذه سلسلة قيمة فريدة في نوعها، ثرية بمحتوياتها، ممتعة في أسلوبها، سهلة في تناولها، متنوعة في تمارينها، ملونة بمظهرها، جاذبة لقارئها، لافتة بتنسيقها، متوسطة بحجمها، فاخرة في طباعتها وعنوان فضل وأجر واعتزاز لمؤلفه المبدع الشيخ شميم أحمد بن عبدالغفار وزميله البارع الشيخ محفوظ الرحمن بن حفيظ الله. وهما يستحقان منا كل الشكر والتقدير والتشجيع. تقبل الله جهودهما وجعل هذه السلسلة اللغوية الهادفة مصدر ثورة علمية منهجية تفتح آفاقا جديدة لتعلّم لغة القرآن وتعليمه.
كيف تدرس هذ كتاب