المعنى الحقيقي للتوسل والوسيلة

محمد عرفان شيخ يونس سراجي العقيدة

التوسل لغة: قال الجوهري في صحاحه: ((الوسيلة: ما يتقرب به إلى الغير. والجمع: الوسيل والوسائل والتوسل واحد وسل فلان إلى ربه وسيلة وتوسل إليه بوسيلة أي تقرب إليه بعمل)).

وفي القاموس: ((الوسيلة والواسلة: المنزلة عند الملك، والدرجة والقربة ووسل إلى الله توسيلاً: عمل عملاً تقرب به إلى الله كتوسل. والواسل: الواجب والراغب إلى الله تعالى)).

وفي المصباح: ((وسلت إلى العمل. أسل من باب وعد رغبت وتقربت ومنه اشتقاق الوسيلة. وهي ما يتقرب به إلى الشيء. والجمع: الوسائل. والوسيل: قيل جمع وسيلة، وقيل لغة فيها، وتوسل إلى ربه بوسيلة: تقرب إليه بعمل)). وكل ما تقدم في معنى الوسيلة، قال سائر علماء اللغة وهذا ما اتفق عليه الجميع.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: إن لفظ”الوسيلة”، و”التوسل” فيه إجمال واشتراك يجب أن تعرف معانيه، ويعطي كل ذي حق حقه، فيعرف ما ورد به الكتاب والسنة من ذلك ومعناه، وما كان يتكلم به الصحابة رضي الله عنهم ويفعلونه ومعنى ذلك.

التوسل شرعا:”هو التقرب إلى الله تعالى بطاعته واتباع أنبياءه ورسله، ولكل عمل يحبه الله ويرضاه”.

ورد لفظ الوسيلة في القرآن في قول الله تعالى: «ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون».[سورة المائدة: 35]

الوسيلة معناها في هذه الآية القربة بطاعة الله تعالى وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم.

وفي قوله تعالى: «قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا〇أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذورا».[سورة الإسراء: 56-57]

قال ابن عباس رضي الله عنه:”إن الوسيلة هي القربة”.وقال قتادة: أي: تقربوا إلى الله بطاعته والعمل بما يرضيه.[تفسير القرآن الكريم لابن كثير-رحمه الله تعالى-]

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:”إن الوسيلة التي أمر الله أن تبتغى إليه وأخبر عن ملائكته وأنبيائه أنهم يبتغونها إليه: هي ما يتقرب به من الواجبات والمستحبات.فالواجب والمستحب هو ما شرعه الرسول صلى الله عليه وسلم فأمر به أمر إيجاب أو استحباب، وأصل ذلك الإيمان بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم”.[قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة،ص:125-126]

قال ابن كثير رحمه الله تعالى في كتابه تفسير القرآن الكريم: "والوسيلة هي التي يتوصل بها إلى تحصيل المقصود، والوسيلة أيضا علم على أعلى منزلة في الجنة وهي منزلة رسول الله صلى الله عليه وسلم وداره في الجنة، وهي أقرب أمكنة الجنة إلى العرش”؛ وقد ثبت في صحيح البخاري من طريق محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم:«من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته، إلا حلت له الشفاعة يوم القيامة».[صحيح البخاري، كتاب الأذان، باب الدعاء عند النداء، ح:614 ]

وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:«إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل مايقول، ثم صلوا علي، فإنه من صلى عليه صلاة صلى الله عليه عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت عليه الشفاعة».[صحيح مسلم، باب استحباب القول مثل قول المؤذن،ح: 384]

وفي مسند الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:«إذا صليتم علي فسلوا لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله ، أرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة».[أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه وصححه أحمد شاكر والألباني رحمهما الله،ح: [7598]

هذه الوسيلة المذكورة في الحديث أعلاه للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة، قد أمرنا أن نسألها للرسول صلى الله عليه وسلم،فمن سأل له هذه الوسيلة حلت عليه الشفاعة يوم القيامة؛لأن الجزاء من جنس العمل.

تبين بآيتين المذكورتين والأحاديث الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم أعلاه أن لفظ "الوسيلة” معناه القربة ومنزلة في الجنة كما هو متجل ومستبين بالآيات والأحاديث المتقدمة.

وأما لفظ "التوسل” فيراد به معنيان صحيحان باتفاق العلماء:

الأول: هو أصل الإيمان والإسلام، وهو التوسل بالإيمان به صلى الله عليه وسلم وبطاعته صلى الله عليه وسلم.

والثاني: التوسل بدعاه صلى الله عليه وسلم وشفاعته صلى الله عليه وسلم، وهذا كان في حياته صلى الله عليه وسلم، ويكون يوم القيامة يتوسلون بشفاعته صلى الله عليه وسلم، كما دلت عليه الأدلة الكثيرة التي ذكر منها البعض، لاسيما رواية البخاري ومسلم رحمهما الله تعالى.

وأما الثالث فهو التوسل بالذوات والسوال بالأموات، فهذا هو لا يثبت عن الصحابة رضي الله عنهم لا في حياته ولا بعد مماته، لا عند قبره ولا عند قبر غيره، ولا تتحقق الرواية المشهورة الصحيحة، وإنما ينقل شيء من ذلك في الأحاديث الضعيفة.

أخيرا أدعو الله سبحانه أن يوفق الجميع للتوسل المشروع الذي ورد في الكتاب والسنة النبوية وأن يبعدهم عن الخزعبلات والترهات والبدعات. آمين يارب العالمين.

Leave a Reply

avatar
3000
  Subscribe  
Notify of