عندما تفتح عينيك في الصباح الباكر تجد نفسك محاطة بأنواع من النعم التي لا تعد ولا تحصى، سواء كان في الملبس أو المسكن أو المأكل والمشرب أو غير ذلك، بل تتقلب في هذه النعم كل ثانية دون أن تشعر.
فنعم الله سبحانه ليست محصورة في جزء معين أو اتجاه خاص، ولذا قال سبحانه : ( وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ)، فهناك نعم ظاهرة تراها وتشعر بها، وهناك نعم اعتد عليها وتعودت عيناك على رؤيتها والتنعم بها فلا تشعر بها ولا تحس بها إلا إذا جلست لوحدك وتأملت نفسك مع الله سبحانه.
فنعمة الإسلام نعمة لا تساويها شيء، وكذلك نعمة الوالدين ونعمة الصحة والعافية والأمن والسلامة والأكل والشرب والسكن كل هذه نعم كبرى تستحق الشكر العظيم لمن منحك إياها وجعلك تتقلب فيها.
كم من إنسان تراه منع من بعض هذه النعم، ويحاول بل يبذل كل جهد ويسعى لتحقيق هذه النعم والحصول عليها ولكنه لا يوفق لها لمصلحة قدرها الله سبحانه أو لحكمة يعلمها الله أو بسبب كسب الأيدي من الذنوب والمعاصي أو غير ذلك…فإن وجدت نفسك في هذه النعم فأحمد الله سبحانه واشكره شكراً خالصاً من قلبك، ولا تحقرن هذه النعم ولا تقارنها بمن هو أفضل منك.
تخيل لو إنساناً أكرمك وأنفق عليك وساعدك في كثير من الأمور ووقف معك في المواقف الصعبة وكان لك عوناً وسنداً، ماذا ستصنع به؟! ستشكره كل الشكر وتوافيه وتقدره وتحترمه و….و….الخ
فما بالك بخالقك الذي خلقك ورزقك وهداك وغفر لك وأكرمك وأنعم عليك وحفظك ..وهو رب العالمين، ألا يستحق الشكر والثناء؟
تذكر دائماً قول الله سبحانه لنبيه صلى الله عليه وسلم ( وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا) [النساء : 113]، فكل هذه النعم تكون من الله سبحانه بوسائل شتى ( وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) [الحديد : 29] وهذه النعم تتطلب منا الشكر لله سبحانه (لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [ابراهيم : 7]، ولا يغتر الإنسان بكثرة النعم ويقول (إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ ۚ)[الزمر : 49] بل يعترف بهذه النعم أنها من الله سبحانه وأنه هو المنعم جل شأنه، وليحذر من الكبر على هذه النعم، فقد تكون استدراجاً له ويغتر بها ويتفاخر بها، ذكر الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسير الآية (وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ) [الأعراف : 182] أي "أنه يفتح لهم أبواب الرزق ووجوه المعاش في الدنيا حتى يغتروا بما هم فيه ويعتقدوا أنهم على شيء”
نسأل الله السلامة من كفران النعم