بَكَتِ الْعُيُونُ وَلاتَ حِينَ بُكَاءِ رحيل الشيخ عبد الوهاب الخلجي

راشد حسن المباركفوري السير و التراجم

لقد فؤجئنا وفوجئت الأمة الإسلامية بوفاة العالم الجليل الشيخ عبد الوهاب الخلجي الأمين العام الأسبق لجمعية أهل الحديث لعموم الهند اليوم (13/4/2018م) قبيل العصـر، فإنا لله وإنا إليه راجعون، هذا خبرٌ مؤسفٌ جدًا للعالم الإسلامي عامةً وللدوائر السلفية خاصةً في القارة الهندية، ووفاته دون شك خسارةٌ فادحةٌ، إنا بفراقك لمحزونون، إنَّ العين لتدمع والقلبَ ليحزن، ولانقول إلا ما يُرضي ربَّنا. اللهم اغفر له وأكرم نزله وأسكنه فسيح جناته.
لقد كان الشيخ عبد الوهاب الخلجي ـ رحمه الله ـ من العلماء الأفذاذ الذين أفنوا أعمارهم في سبيل خدمة المنهج المدعوم بدلائل الكتاب والسنة، كان سلفيــًا قحــًا، ولم ير المنهج الحق في حفل من حفلات العلم يهان إلا وقد بيَّنه وذبَّ عنه وناقش خصومه بكل قوة إيمانية منهجية وغيرة دينية. تولَّى زِمامَ أمانة جمعية أهل الحديث لعموم الهند، لأكثـر من عشـر سنوات؛ فجاهد في سبيل إحياء الجمعية من جديد، ونشـر أهدافها ومقاصدها على مستوى العالم بكل الوسائل المتاحة؛ حتى عرفها الناس خير معرفة، وقويت صلتهم بها، إلى جانب نشـره للكتب العلمية الدينية المهمة، إيضاحًا للمنهج وكشفًا للغبار عن وجه السنة العالق بها من منكريها ومستخفيها خلال "دار العلم” بدهلي.
كان ـ رحمه الله ـ عضوَ عدد من اللجان والهيئات والمؤسسات في مختلف أقطار العالم، وكان كبيرَ الاهتمام بشؤون الجامعات الإسلامية وخاصة الجامعة السلفية بنارس ـ مركز السلفيين بالهند ـ ، ويتحدَّث عن سير الأمور فيها، وسببه يرجع إلى أنه قد درس في الجامعة الرحمانية بنارس ـ الهيكل الابتدائي للجامعة السلفية ـ . رأيت عددًا من العلماء الأثبات الموثوقين يثني عليه خيرًا، أمثال فضيلة الشيخ وصي الله محمد عباس مدرس الحرم المكي الشريف، وفضيلة الشيخ صلاح الدين مقبول أحمد، وفضيلة الشيخ رضاء الله عبد الكريم المدني حفظهم الله ووتولاهم.
كان ـ رحمه الله ـ كريمَ النفسِ، محبًـا للعلم وأهلِه وطلبتِه، ولاسيما شباب الأمة وواعديها، وينصحهم بالجهد والمثابرة والصبر في سبيل العلم، وإنني وُفِّقتُ مجالسته كثيرًا بحيث ما لايمكن حصره، وسافرت معه في بعض المؤتمرات والبرامج العلمية، رأيته دمِث الخلق، حسَن السريرة، شديد المخالفة للبدع والمنكرات والأمور المخذورة في الشـرع، كثير التواضع والرِّفق، والاهتمام بالصلوات فريضة ونافلة، وكان خطيبًا بارعا مصقعًا، لكن قليل الميل إلى الكتابة والتحرير والتأليف، بيد أنه كتب مقالات قيمة ومقدمات نافعة علمية للكتب والدراسات والتحقيقات.
والآن عندما نُعيتُ بهذا الخبر المؤسف، حزنتُ وسالتِ الدموعُ من العيون وأصبح لساني يلهج بذكر الله تعالى والدعاء للفقيد بالرحمة والخير والمغفرة.
وداعــًا أيها الشيخ الجليل بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره …
وداعــًا… والقلب يتفطر حزنا ويبكي كل من له صلة بالعلم والمنهج …
وداعـــًا… اللهم احشرك مع الصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقـــًا.
هج تذوب وأنفـس تتحسر
ولظى على كل القلوب تســـعر
الحزن أضرم في الجوانح والأسى
يصلى المشاعر باللهيب ويصهر
كيف التحدث عن مصاب فادح
أكـــــبادنا من هوله تتفطر
كل امرئ فينا يذوب تعاســة
والــــبؤس في دمه يغور ويزخر
لم لا وقد فقدوا أباً ومهذباً
ورعـــــًا بأنواع المفاخــر يذكر
وسوف يكون لي مشاركة ـ بإذن الله تعالى ـ في الكتابة عن حياته بكل تفصيل لما كان لي من لقاء واجتماع معه في آخر خمس سنوات من حياته رحمه الله وغفرله وأسكنه فسيح جناته.

Leave a Reply

avatar
3000
  Subscribe  
Notify of