تسكن الأم معي!

ثناء الله ساغر التيمي الإنتاج الأدبي النثري

كان الشيخ تفضل حسين يمر بطريق إلى مدرسته فإذا به يلتفت إلى أخوين يتشاجران والتشاجر حول الأم، كل واحد منهما يلح على أن تمكث الأم معه، أشرق وجه الشيخ وذرفت عينه فرحا و سرورا، رفع رأسه إلى السماء، خاطب ربه وقال : رب! مازالت الدنيا جميلة، ما زال الجيل الجديد متمسكا بأهداب الحضارة الإسلامية، ما زال النور منتشرا والظلام هاربا. فإنه وجدهما يتحدثان:

حيدر: أنا أكبر منك سنا فأنا أستحق أكثر منك أن تكون الأم معي.

أسلم : وهل يعني ذاك أن أحرم من الجنة لصغر سني؟

حيدر: إن زوجي إبنة أخ للأم وهي سترعاها أكثر.

أسلم : وكأنك لا تعرف أن زوجي هي إبنة أخت لها ومن المعروف أن بنات الأخت تعتنين بها أكثر.

حيدر: يا ليتك شعرت بأن العيش لا يحلو لى وهي بعيدة عني؟

أسلم : لست أنا بمختلف عنك.

اغتبط الشيخ تفضل حسين بحسن حظ الأم وحسن المعاشرة والبر والسعادة للولدين، يدعو لهما ويجول في أودية الأفكار الإيجابية.

و استمر التحادث:

حيدر: ولم لا ترضى بأن تكون الأم لدي والأب لديك؟

أسلم: يا سبحان الله! قد بلغ إصرارك منتهاه في الأب من ذي قبل! والآن أنت وإلحاحك للأم!

حيدر: وما ذا أفعل وأنت لا ترضى بحال؟
أسلم: ولم لا تقول الحق؟ فقد بلغت غايتك في الأب والآن تحتاج إلى الأم! زوجتك راحت إلى القرية، صبيانك في المدرسة وتواجه المشكلة في المطبخ! وحينما كانت زوجتك هنا كان الأب يناسبك للشؤون المنزلية خارج البيت!

حيدر: يا لك من غبي! وما هي الكذبات التي تخلقها، لست أنا مثلك فما أبقيت الأم عندك إلا لغرض أن تخدمك في أمورك المنزلية ورعاية أطفالك، الأم هي التي ترافق صبيانك إلى المدرسة وتعتني بهم في البيت وما يكلفك هذا إلا بعض الخبز في الصباح والمساء.

أسلم: ولو كان هذا ما قمت به فهل كان سلوكك مع الوالد مثالا للبر والإحسان ؟ أما شغلت الوالد فيما يهمك خارج البيت من السوق وما إليه. ألا تستحي أن تصرخ في وجهي؟؟؟

حيدر: بس! الأم من هنا تمكث معي والأب معك!

أسلم: الحاجة التي تدفعك إلى الأم، نفس الحاجة تمنعني من أن أتركها لك، إذا لا سبيل لك إلى الأم!

ابتلت عيون الشيخ تفضل حسين، رفع بصره إلى السماء والندامة مسيطرة عليه كأنه يقول لله رب! كان ظني خاطئا فاغفرلي، وامتد الظلام أمام عينيه وكاد القلب أن يتقطع!!!

Leave a Reply

avatar
3000
  Subscribe  
Notify of