دمعة على أمة الإسلام

جمیل احمد ضمیر سياسة

كَمْ لَيَحزنُ القلبُ وجعًا، وتذرف العينُ دمعًا، على ما تعانيه أمةُ الإسلام اليومَ مِن المصائب والنكبات مما يُذيب الأكباد، ويُفجِّر القلوب القاسيات؛ فما تطلع الشمس يومًا إلا وهي تحمل لها في أرديتها البيضاء ظلامًا حالكًا يُنبئ عن تفاقم مآسيها، وتجدُّدِ جِراحها، وخراب دورها، وهلاك زروعها وضروعها.
وها هي الأخبار المفجعة، والأنباء المؤلمة عن أحوال المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها تقرع أسماعَنا، وتقطع نياطَ قلوبنا؛ فهم في بعض البلدان يفترشون الغَبراء، ويلتحفون الخضراء، ويتضوّرون جُوعًا في العَراء، ويعيشون في بعضها ظُروفًا قاسيةً وأحوالًا داميةً، ويُعرَّضون لضروب التعذيب والتقتيل، والترويع والتجويع، والقصف والنسف، وما إلى ذلك من البلايا التي تُذيقهم مرارة المنايا؛ فتتصاعد زفراتُهم؛ فتشقّ حُجَبَ الفَضاء، وتتعالى آهاتُهم؛ فتبلغ عنانَ السماء، وتخرُج صرخاتُهم؛ فتُهامِسُ أذُنَ الجَوزاء.
ولكن العالَم ((المُتحضِّرَ!)) لا يسمع لهم شكوى ولا نجوى، ولا يُحرِّكُ لهم ساكنًا، ولا يُهيئ لهم جوًّا آمنًا، ولا يُلقي لهم بالًا، ولا يرثي لهم حالًا؛ فهو كالأصمّ, فلا تخترقُ سمعَه الأنّات، وكالأبكم؛ فما زال في صُمات، وسُبات، وقد قسا قلبُه، حتى بلغت القسوةُ منه إلى أبعد الغايات؛ فلا يَنفُذُ إليه شعاعٌ من الرَّحمات؛ فهو كالحِجارة، أو أشدُّ قسوة؛ فلا يبِضُّ بقطرةٍ من العطف والحَنان، وإنّ من الحِجارة لما يتفجُّر منه الأنهار والوُديان.
فأين الذين تتجافى جنوبُهم عن المضاجع، وتسيل جفونُهم بالمدامع، دعاءً لإخوانهم أن يكشف الله غُمّتَهم، ويُفرِّج كُربتَهم، ويذهب عنهم الأذى والبلاء، ويكفيَهم مكرَ الأعداء؟
وأين أهلُ الدُّثور والثَّراء، من مساعدتهم فيما نزل بهم من الضَّرّاء؟
وأين الذين يُهدِرون أموالَهم في التعالي، والتغالي، والتباري، والتباهي، من كفكفة دُموع البائسين الْمُتَرَقْرِقَة في محاجرهم المتقرِّحَة من كثرة الأنين والبُكاء؟
وأين الذين ينصبون الموائد الفخمة، ويجهزون المآدب الضخمة في الحفلات والمناسبات من تذكُّر حال إخوانهم المضطهدين الذين أرهقتهم المظالم والمغارم؛ فخرجوا من ديارهم حُفاةً عُراةً جِياعًا هائمين على وجوههم إلى المشارق والمغارب؟
وأين هيئةُ الأمم، ومجلسُ الأمن من تلكم الأعمال الوحشية التي تُرتكبُ ضدَّ الأبرياءِ، والعُزَّل؛ ومِن تلكم المجازرِ البشرية التي تملأ السَّهل والجبل؟
وأين أهلُ الحَلّ والعقد من أمة الإسلام، من توحيد صفّها، ورأْبِ صدعِها، ولمِّ شَعْثِها، وجمعِ كلمتِها؛ لتقف يدًا واحدةً في مواجهة أعدائها؟
فهل مُلَبٍّ من للنداء؟
والله أسأل أن يُصلحَ حال هذه الأمة، ويُهيئ لها من أمرها رَشَدًا، ويمن عليها بظلال الأمن الوارفة، ويُعيد لها عزَّها، وشرفَها، وينصرها على من عاداها، وآذاها، إنه سميع مجيب.

Leave a Reply

avatar
3000
  Subscribe  
Notify of