حفيد صاحب «سيرة البخاري» في ذمة الله

صهيب حسن المدني المباركفوري السير و التراجم

الحاج عبد الرقيب ابن الدكتور محمد عزير ابن العلامة عبد السلام المباركفوري
(1930-2019م)

توفي الحاج عبد الرقيب ابن الطبيب المعروف الدكتور محمد عزير ابن العلامة عبد السلام المباركفوري رحمهم الله جميعًا، ليلة السبت قبل الساعة الثانية عشرة بدقائق عن عمر يناهز تسعين سنة، وصلى عليه عدد كبير من العلماء وكبار القوم والعامة من الناس في إمامة الدكتور عبد العزيز بن شيخ الحديث عبيد الله الرحماني بعد الظهر يوم السبت 11/ربيع الأول 1441هـ = 9/نوفمبر 2019م. ودفن فيه مقبرة روضة، حيدرآباد، مباركفور.
توفيت أمه وهو في حجرها فربَّتْه خالته وزوجها كولد لهما، وليس لهما ولد وهما عقيمان، وانتقل ميراثهما إليه، ولمَّا قرُبتْ وفاة والده د/ محمد عزير، طلب منه أن يأخذ ما يستحقه من ميراثه فامتنع وقال يوزَّع نصيبه المفروض بين إخوته وأختيه للعلات وهم عشرة، وهم من الأم الثانية أخوان وأخت واحدة، وأما من الثالثة فهم ستة إخوة وأخت واحدة، وأكبرهم الشيخ عتيق الرحمن السلفي (المدرس بمدرسة دار التعليم في مباركفور) ولم يوفق الحاج عبد الرقيب لإكمال المنهج الدراسي في بعض المدارس، واتصل بالتجارة والزراعة منذ شبابه، وبحمد الله حصل له الخير الكثير، ولكثرة مطالعته الكتب الدينية وعلاقته بأهل العلم حصلت له المعرفة في الدين، ويقرأ الجريرة اليومية بالمواظبة عليها، ويكتب الرسائل، ويكثر إرسالها إلى ابنه الأكبر الشيخ فضل حق المدني، وأحيانًا يرسل إلى حفيده الأكبر الشيخ صهيب حسن بن فضل حق، و ينصحه بنصائح قيمة ويشجعه على الاجتهاد في الدراسة شجيعًا بالغًا، ويدعو له كثيرًا ويحسن الظن به، وكان شديد العلاقة بشيخ الحديث عبيد الله الرحماني رحمه الله، وكان أكبر من والده في أشقاءه، ويكثر زيارته وخاصة في أيام مرض وفاته، وهو أيضًا يحبُّه ويراعيه كأنه من أبناءه، وكان يحب أن تحصل علاقة المصاهرة بين ابنه هذا وابنه ذاك، وكذلك بينهم وبين أبناء شيخ الحديث رحمه الله وأحفاده، وهكذا حصلت أربع مصاهرات فيما بينهم.
ومن صالح أعماله أنه كان يحضر للصلوات الخمس في مسجده وهو حوالي مائة متر من بيته بمساعدة بعض أبنائه، ومتكئًا على العصا، ويكثر تلاوة كتاب الله بعد الفجر وفي أوقات أخرى، ويعود مرضى المسلمين، ويقوم بغسل موتاهم وتجهيزهم وتكفينهم، ويحضر للصلاة عليهم، وتعزية أهاليهم، ويقدم المعونات للفقراء والمساكين، ويبالغ في إكرام الضيوف، وخاصة أهل العلم منهم، جاء ذات مرة بعض المشايخ من جندا نغر إلى مباركفور، وكان آنذاك مُنع من قبل الحكومة بيع اللحوم، فذبح صبية الجاموس التي كانت في البيت. وكذا ذبح مرة شاة بمناسبة قدوم بعض أهل العلم.
وكان وثيق الصلة بأهل العلم وخاصة بعلماء جمعية أهل الحديث المركزية لعموم الهند، كانوا يزورونه ويلتقون به، وكان يشارك في مؤتمرات الجمعية وبرامجها المختلفة، كما كانت له علاقات بالأحزاب السياسية، إنه لم يترك حفلا شارك فيه مولانا أبو الكلام آزاد، حتى سافر لسماع كلمته إلى لكناو، كان يحبُّه كثيرًا، متصلا بـ «حزب المؤتمر» (كانغرس)، مساهمًا حسب وسعه في الحركات المحاولة لتحرير الهند.
ومن حسناته أنه أعطى بنته الوحيدة حقها من ميراثه، ونفِّذ وصيته، وكان يشتغل بشؤون البيت صغيرها وكبيرها ويكون نشيطًا ويقول: لا تحصل القوة إلا بتحريك الجسم، وقد يأتي بالكلام القاسي لمن يتكاسل من ذريته ومن عماله في الأعمال، وبعد أن توفيت زوجته قبل سبع سنوات وقع في حزن شديد، وبدأ يضعف يومًا فيومًا حتى أصبح صاحب الفراش منذ سنتين، ورُدّ إلى أرذل العمر، وجميع أهل بيته من الذكور والإناث خذموه خدمة جيدة، فجزاهم الله خيرًا.
وهب الله له خمسة أولاد وبنتًا واحدة، توفي أحد أولاده في صغره، وتعلَّم أكبرهم العلم الشـرعي بعنايته وهو الشيخ فضل حق المدني حفظه الله المدرس في جامعة سراج العلوم بجندا نغر نيبال منذ خمس وثلاثين سنة الذي جعل جميع أولاده بحمد الله حُفَّاظًا وعلماء، ولجميع أولاد الحاج عبد الرقيب وأحفاده وحفيداته أولاد إلا ابنه الرابع، والآن ـ ماشاء الله ـ عد ذريته حوالي ستين، بارك الله فيهم وجعلهم صالحين يدعون له.
صُلِّى عليه في مباركفور بجمع حاشد، ثم صُلي صلاة الغائب في مكتب جمعية أهل الحديث المركزية بأوكهلا، نيو دلهي بإمامة الشيخ المفتي جميل أحمد المدني، وكذا في جاركند بإمامة الشيخ أصغر على المدني (أمير جمعية أهل الحديث لعموم الهند)، وكذا في المسجد النبوي الشـريف، وفي جامعة الأزهر الهندية بنيو دلهي. اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله ووسّع مدخله، آمين.

Leave a Reply

avatar
3000
  Subscribe  
Notify of