الحمد لله رب العالمين والصلاه والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد:
لم يزل التربويون المهتمون بتعليم اللغه العربية في الهند، والمشتغلون به يشعرون بحاجاتهم الماسة إلى منهج دراسي يتكفل التمنية اللغوية المطلوبة للجيل الناشئي بأيسر الطرق، مع التوعية المعرفية المتدرجة التي تتماشى مع المبادئ التربوية وتتضمن تطوير شخصية الطالب تطويرا نوعيا وشاملا.
و بما أن تعليم اللغة العربية للجيل الناشئ برنامج يخص المجتمع المسلم، ولا يحظى برعاية حكومية ولاتتبناه المؤسسات الرسمية، فإن إعداد مناهج اللغة العربية ومقرراتها مسؤولية تقع على كواهل المسلمين، وهم بدورهم يتحملونها، ومن ثم توجد جهود فردية وأخرى منظمة، عبر بلاد الهند، للقيام بهذه المسؤولية، لكنها، رغم إخلاص أصحابها و مساعيهم المشكورة، لم تحقق المطلوب بتطوير مناهج تدريس اللغة العربية، شمولا ودقة وتقدما، على غرار مناهج اللغة الإنكليزية التي أسهمت في إعدادها عقول خبراء التربية، تحت مظلة الهيئات المتخصصة.
والمناهج الدراسية، في الحقيقة، هي خارطة طريق الأجيال الناشئة إلى مستقبلها، وهي التي تحدد مستواها في الثقافة، وعلى مدى تقدمها وشمولها يقاس تطور الطلبة الذين تربوا عليه وتدربوا وفقه. وبناء على ذلك تتمثل المناهج مكانة جوهرية في التخطيط المستقبلي الواعي، ومن أجل أهميتها القصوى يستمر البحث فيها و في الشؤون التربوية الأخرى، و على قدم وساق، وفي كافة الدول المتقدمة منها والنامية على السواء.
واطلعت أخيرا على منهج جديد لتعليم اللغة العربية، عبر سلسلة من المؤلفات التي قام بإعدادها الأخوان الفاضلان، السيد شميم أحمد عبد الغفار والسيد محفوظ الرحمن حفيظ الله، وقد كان ذلك، بالنسبة لي، اكتشافا عظيما تلقيته ببالغ السعادة والمفاجأة معا، فإن هذه السلسلة التي تشمل المقررات المدرسية من الحضانة إلى الثانوية – و لها حلقات أخرى لا تزال قيد الإنجاز – وتستوعب كافة الخطوات الأساسية لتطوير المهارات اللغوية من الاستماع والنطق والقراءة والكتابة، هذه السلسلة النافعة و الجميلة، ليست وراءها لجنة من المؤلفين مع فريق من المساعدين و الإداريين، إنها من إنتاج أستاذين متمكنين، نعم، اثنين فقط، يحدوهما الشوق و حب اللغة العربية في تلك المسيرة الصعبة الطويلة، واذا بهذه الجهود المضنية توتي ثمارها اليانعة الجنية في شكل هذه السلسلة الجميلة المنظر والمخبر.
وإذا أمعنا النظر في أولويات المادة العلمية التي تناولها المؤلفان فإنها خير دليل على حرصهما على التنشئة الدينية والخلقية، وعلى تأكيدهما على أصالة الصبغة الثقافية التي هي من أخص خواص اللغة العربية، ومضمونها الحضاري، منذ أن أصبحت وعاء للوحي السماوي، وسجلا لما نطق به لسان النبوة، على صاحبها الصلاة والسلام.
التمارين المكثفة، والممارسة اللغوية والعقلية، والرسوم والأشكال المنوعة، والصور المبينة لفحوى النصوص، والإخراج الفني الدقيق، والتنضيد الطباعي الرصين، لمن الخصائص الإضافية التي تضاعف من قيمة هذه السلسلة ومستواها، وتجعلها تحذو حذو أرقي المناهج التعليمية شكلا ومضمونا، وتسد الفراغ الموجود في مناهج تعليم اللغة العربية في الهند. والغريب حقا، أن هذا الإنجاز العظيم قد تبوأ حيزه في الوجود في سرعة قياسية، في سنوات عديدة، مع مراعاة الجودة والدقة والإتقان.
أهنئ الأخوين الفاضلين على تحقيق هذا الهدف الصعب، بالتركيز والمثابرة والعمل الدؤوب، و أتمنى لجهودهما القبول والنجاح.
Leave a Reply