كيف نتخلص من المعاصي

م. ع. أسعد الإتاوي أسلوب حياة

مما لا شك فيه أن هذه الحياه عنوان عن الامتحان والاختبار فما من انسان إلا وهو يختبر بأنواعه المختلفة و أساليبه المتنوعة ، فبعض يفتن بكثرة الأموال و الأولاد و بعض بنقصها ، و بعض بالخوف و الخشية و بعض بالهم و الحزن و إلى غير ذلك من الأنواع ،
و ما ابتلى أحد بشئ أشد من التعود على ارتكاب المعاصي ، فمن ذاقه مرة تعَوّد عليه ، و العادة تتعلق بالقلب ، و القلب أمره معلوم ، فمخالفته أمر يفقد دونه القوى قوته و الجرى جرأته و العاقل عقله و الحليم حلمه
فيا من ابتلى بشئ من هذه المعاصى و تعود على ارتكابه و تعب بتكراره و عجز عن تركه و مع أنه بذل كل ما كان بوسعه لم ينجح فى اجتنابه ! لا تعجز و لا تحزن و لا ياْخذك اليأس و القنوط من رحمة الله ، فإن رحمة الله وسعت كل شئ وأنت كذلك منه بل لربما نحن أحق بها من كثير من الأشياء حيث قال الله تعالى: (وَ لَقَدۡ کَرَّمۡنَا بَنِیۡۤ اٰدَمَ وَ حَمَلۡنٰہُمۡ فِی الۡبَرِّ وَ الۡبَحۡرِ وَ رَزَقۡنٰہُمۡ مِّنَ الطَّیِّبٰتِ وَ فَضَّلۡنٰہُمۡ عَلٰی کَثِیۡرٍ مِّمَّنۡ خَلَقۡنَا تَفۡضِیۡلًا ﴿٪۷۰﴾ )

فهات يدك و هيا بى إلى هذا الكتاب المبارك الذى هو حل لكثير من مسائل الحياة ، و شفاء لما فى الصدور و هدى و رحمة للمومنين ، و إذا فتحته و تتلوه بقلبك و قالبك ممعنا النظر ، منهمكا فيه فستجد فيه آية تكون حلا لمشكلتك و شفاءً لمرضك إن شاء الله
ألا و هى : (یٰۤاَیُّہَا الَّذِیۡنَ اٰمَنُوۡۤا اِذَا لَقِیۡتُمۡ فِئَۃً فَاثۡبُتُوۡا وَ اذۡکُرُوا اللّٰہَ کَثِیۡرًا لَّعَلَّکُمۡ تُفۡلِحُوۡنَ ﴿ۚ۴۵﴾ )

فتعال ! نقف مع هذه الآية وقفات حتى يتبين لنا ما فى غموضها من الدواء و طريقة استعماله ،

★ أمر الله بالثبات و ذكره عند لقاء العدو ، و جعلهما سببا للفلاح و النجاح ، و هذا فى الحرب الخارجية ، فكذلك لا يكمن الفلاح و النجاح فى الحرب الباطنية ( أى : الحرب مع النفس ) إلا بهما ، فهما كشرطان للفلاح فى كلتى الحربين ، بل ربما يكون الرجل فى الحرب الباطنية أحوج إليهما من الحرب الخارجية و ذلك لثلاثة أوجه :
١ : يمكن استعمال السلاح و آلات الحرب فى الحرب الخارجية دون الباطنية ، فإنه يكون فيها الرجل مجردا عن ذلك كله و لا سلاح له إلا ذكر الله و قوة إيمانه
٢ : فى الحرب الخارجية يكون الرجل مع الجماعة ، فهى تعين فى الغلبة على العدو بخلاف الحرب الباطنية فإنه يكون فيها الرجل وحيداً ، و لا يعينه إلا الثبات و ذكر الله ،
٣ : الحرب الخارجية لا تقع إلا قليلا أو نادراً و خاصة فى هذا الزمان ، و أما الحرب الباطنية فتكون حوالى كل يوم و ربما غير مرة فى يوم واحد ، فيحتاج الإنسان إلى أن يعرف طريق النجاح و الفلاح فى هذه الحرب أكثر من الحرب الخارجية
★ قوله تعالى : كثيراً : فدل على كثرة ذكر الله تعالى ،
و الكثرة شيء نسبي ، فينبغى أن يكون الذكر أكثر و أقوى من كثرة وساوس الشيطان و قوتها ، حتى تقل وساوسه و تضعف قواه
فائدة : قلت : ” أقوى “ مع أنها لم ترد فى الآية ، لأن الكثرة بدون القوة لا تفيد ، و بخلاف ذلك إذا كان الإنسان أقوى دون كثرة فيفلح ؛ كحرب البدر و غيرها ، فالعبرة بالقوة دون الكثرة
أما الكثرة فهى يدركها الرجل هنا بنفسه ،
وأما قوتها فهى حسب قوة إيمان الرجل ، فكلما قوى إيمانه قوى أثر تلك الأذكار و ازدادت إمكانية الفلاح و النجاح و سهلت الغلبة على النفس فى أقرب وقت ممكن و أبكره
★ يمكن أن تقع الحرب الباطنية فى أى وقت من الليل و النهار بخلاف الحرب الخارجية فإنها عادة لا تقع فجأة دون تخطيط سابق
★ ينبغي أن يكون الذكر هنا مما يستعاذ به بالله من الشيطان الرجيم فذلك أدعى للقبول و أسهل للغلبة عليه لأنه ضرب على الشيطان مباشرة .
كالأذكار التالية
((أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ: مِنْ نَفْخِهِ، وَنَفْثِهِ، وَهَمْزِهِ))
رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ * وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ
وغير ذلك من الأذكار المشروعة
٭ أو مما يخافه الشيطان و يفر منه : كاية الكرسى
٭ أو مما يقوى قلب الإنسان و يثبته :
كقوله صلى الله عليه وسلم : يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك و يا مصرف القلوب صرف قلبى على طاعتك
٭ أو الأدعية العامة بأى لغة كانت
و إذا جمعت بين هذه كلها فلعل ذلك أحسن و أولى ان شاء الله ، لما فيه من الاستعانة من كل ناحية من التعوذ من الشيطان و تخويفه و من تثبيت القلب و تجميعه و ما يريده الرجل أن يطلبه
فإذا وسوس الشيطان فلا تعجز بل استعن باستعمال هٰذين السلاحين ( أعنى : التثبت بمجاهدة النفس و كثرة ذكر الله تعالى بالصلاة و الأدعية العامة ) توكلا على الله حق توكله حتى تغلبه ، فهما من أقوى ما يعينك فى هذه الحرب إن شاء الله

4
Leave a Reply

avatar
3000
3 Comment threads
1 Thread replies
1 Followers
 
Most reacted comment
Hottest comment thread
3 Comment authors
Aasim As'adمحمد عارفتوحيد Recent comment authors
  Subscribe  
newest oldest most voted
Notify of
توحيد
Guest
توحيد
تابع وتقدم أخي!
بارك الله بك !
محمد عارف
Guest
محمد عارف
الحمد لله محتويات المقال قيمة ورائعة ولكن ظهر لي بعض الأخطاء التي لا يستحسن إهمالها عند القراءة والكتابة مثلا ترك النقطتين على الياء وذلك قد تكرر على عدة مواضع ، فيحسن لنا إلقاء النظرة الأخيرة قبل أن ننشر.
وشكرا فجزاكم الله أفضل الجزاء وأجزل لكم المثوبة الحسنى في الدنيا والآخرة آمين
Aasim As'ad
Guest
Aasim As'ad
آمين
و لك مثل ذلك
و شكراً لهذا التنبيه
Aasim As'ad
Guest
Aasim As'ad
آمین
و بك