أرض الهند تحترق من نار المظاهرات ضد قانون التجنيس الجديد

عبدالله عين الحق السلفي سياسة

إن أرض الهند تحترق في هذه الأيام من نار المظاهرات الشديدة و الاحتجاجات الغير المعهودة، وذلك بعد تصويت أعضاء البرلمان بالأغلبية في كل من مجلس النواب و مجلس الشيوخ على اعتماد قرار يتضمن تعديل نظام الجنسية كما أنه تم اعتماد هذا القانون الجديد الأسود المدمر (Citizenship Amendment Act) من قبل رئيس الوزاء الهندي يوم الأربعاء 11 ديسمبر 2019م.
ولا يخفى على أحد أن هذا القانون عار عن العدل والمصداقية، ويفقد المساواة الإنسانية بين شتى الديانات في وطننا العزيز، و من يتأمل في قانون التجنيس فيجد أن فيه الظلم والطغيان و السلب لحقوق المسلمين المدنية الممنوحة لهم بموجب الدستور الهندي، غير أنهم أراقوا دماءهم و فطّروا أعصابهم و ضحوا بكل ما ملكوا من النفوس والأموال والوقت والجهد لتحرير الهند واستقلالها سنة 1947 ضد الاستعمار البريطاني. وإن هذا القانون الجائر يهدم أساس المادة/ 14 من الدستور الديمقراطي و القانون الجمهوري، رغم أنّ الأعضاء المنصفين في مجلس البرلمان ومجلس الشيوخ ناقشوهم بدلائل قاطعة و تصريحات قوية، وللأسف الشديد قُدر لزعماء الحزب الحاكم المتطرف أن يفوزوا بسبب كثرة عددهم حاليا في البرلمان الكبير، مما سوف يمهد لهم السبيل للوصول إلى أهدافهم النجسة من تعديل قانون الجنسية على أساس المعتقد والمذهب وإخراج المسلمين من الهند.
قد قام حزب بهارتيا جنتا BJP بالظلم والعدوان على المسلمين من أول يوم حين أخذِ مقاليد الأمور منذ عام 2014 بمنشوداته القاهرة وأغراضه الخبيثة، وقبل فترة قصيرة ماضية سلبوا المسجد البابري من المسلمين، المسجد الذي له تاريخ قديم لا يجحده أحد، وبإلغاء الحقوق المخصّصة من ولاية كشمير بإلغاء المادة / 370، وبالتدخل في المسائل الدينية الخاصة بالأقليات المسلمة في البلاد مثل الطلاق ، و رئيس وزراء الهند نريندر مودى (الذي لا علاقة له بالصدق)، ومشيره الكاذب وزير الشؤون الداخلية اميت شاه يظلمان بهذا القانون الجائر ظلما تاريخيا لا مثيل له في صفحات التاريخ – دمرهما الله تدميرا و مزق شملهما تمزيقا- وإن حكومة حزب بهارتيا جنتا الفاشلة تجتهد بأوسع نطاقها في سلب حقوق الجنسية من مسلمي الهند بعد نفاذ القانون القادم الجديد National Registration of citizens في وطننا في المستقبل كما أشار إلى تعميمه على مستوى الهند بأكمله وزير الشوؤن الداخلية الطاغية الجابر اميت شاه في مجلس غرب البنغال، وفي مناسبات عديدة أخرى كما أنه نفذ نظام السجل القومي للمواطنين NRC في أقليم آسام، متبجحا في خطابه بكل فمه بأنه سوف يقوم بطرد جميع الداخلين إلى أرض الهند من البلاد المجاورة من بنغلاديش وغيرها، وفي الباطن يريد أن يستهدف به المسلمين المظلومين حيث أنه أعلن منح الجنسية الهندية لغير المسلمين استنادا إلى قانون التجنيس الجديد الجائر CAA، وسيوفر هذا الوزير الخائن بنفاذ هذا القانون جميع الحقوق الوطنية والمراعات الاجتماعية لجميع أهل الأديان من الهنودس، والمسيحيين، والبوذيين والجاينيين، والبارسيين والسيخ وغيرهم ما عدا المسلمين، حيث أن هذا الماكر سيغض نظره عن المسلمين فقط، و بالتالي سيقوم بتحويل المسلمين إلى مخيمات الاحتجاز ومراكز الحراسة الحكومية و يجعلهم سكان البلاد من الدرجة الثانية التي ستحرم من جميع الحقوق الوطنية ويصبحون لاجئين في البلاد، فالله المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، هذا هو الهدف الأساسي الذي يسعى إلى تحقيقه هذه الحكومة (حزب بهارتيا جنتا)، و هي تعمل خفية منذ زمن طويل و مدة مديدة لتحقيق أهدافها الدنيئة الخبيثة ضد المسلمين والطبقة المثقفة، ووزير الداخلية الكاذب يقّر بلسانه مرات و كرات بأن القانون الجديد يوّفر حقوق منح الجنسية لأهل المذاهب المذكورين آنفا من الذين يعيشون في باكستان وأفغانستان و بنغلاديش، ولايضـر به المسلمين في جنسياتهم أبدا، وأقر بهذه الحقيقة الصادقة في حفلاته السياسية ومقابلاته مع قنوات التلفزيون المختلفة بكل ثقة واعتماد بأن قانون التجنيس الجديد CAA لا يسلب الحقوقَ الوطنية و المراعات الجنسية من أحد و لا يطرد أحد عن الوطن أبدا…. !! ولكن وللأسف الشديد أن هذا الكاذب يظهر بلسانه أمام الناس شيئا، و يخفي في قلبه شيئا آخر عن المسلمين.
ومما يفرح ويسعد أن المسلمين اليوم بفضل من الله وتوفيقه قد فهموا ما يريد هذا الوزير الظالم بتصريحاته وعرفوا عزائمه الباطنة وجميع أعضاء حزبه الذين يبذلون قصارى جهدهم لتحويل الدولة إلى الوطن الهندوسي بدلا من الوطن الديمقراطي الجمهوري.
و في الحقيقة أن هؤلاء الظالمين في زعم باطل في خصوص هذا التخطيط الخائن، وبإذن الله لا يمكن أبدا أن يحققوا عزائمهم الدنيئة وأهدافهم الخبيثة لأننا نلاحظ ونشاهد أن جميع سكان وطننا الحبيب من المسلمين و غير المسلمين أيضا قاموا ضد هذا القانون وارتفعت أصواتهم من جميع أنحاء الهند من الشرق الى الغرب ومن الشمال الى الجنوب، وحشدوا مظاهرات قوية حاشدة لم يسبق لها مثيل في تاريخ البلاد بعد استقلالها من الإنجليز، وما زالت، و يساهم فيها الزعماء السياسيون وغير السياسيين، و العلماء والطبقة المثقفة وعامة المسلمين وغير المسلمين رجالا ونساء وشيبانا وشبانا صغارا وكبارا لتسجيل مخالفاتهم ضد قرار CAA و NRCو NPR.

و لكن من المؤسف والمقلق جدا أن رجال الأمن من الضباط والعساكر يهاجمون على المظاهرين و المظاهرات أنحاء الوطن المختلفة لإخفاء الأصوات المعارضة كما يشاهد في مقاطع الفيديوهات المنتشرة في مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، كما أن رجال الشرطة قاموا بالعنف والعدوان السافر ضد طلاب الجامعة الملية الإسلامية بنيو دلهي، وجامعة علي كره، وجامعة جواهر لال نهرو، و جامعة دلهي، و جامعة هندو بنارس، و في الأماكن الأخرى المختلفة رغم أن المظاهرين يقومون لغرض إظهار مخالفتهم ضد هذا القانون الأسود الجديد CAA بكل أمن و سلم بعيدين عن كل أساليب العنف والعدوان حيث أنه من الحقوق الممنوحة للمواطنين في الدستور الهندي، و لكن رجال الشرطة ومن معهم من الغوغائين دخلوا فى مهاجع الطلاب و هاجموا عليهم بالضرب العشوائي بالعصى واستخدموا الغازات المسيلة للدموع بين الطلاب والطالبات المتواجدين في المكتبة المركزية مما تسبب أضرارا بالغة اثاثات في المكتبة و المكتبة القديمة و في الجامع و المهجع الخاص للطالبات في الجامعة الشهيرة # الجامعة الملية الإسلامية….!! و ضربوا الطلاب والطالبات ضربة شديدة و ظلموا ظلما عظيما يعجز عنه التعبير، حسبما رأينا في مقاطع الفيديوعات و قرأنا عن كل ذلك و التهجّم في الصحف والجرائد، و قد ندد بشدة وأستنكر بكل حدة جميع الزعماء و القواد من سائر أطراف الوطن و طالبوا من الحكومة إجراء تحقيق عادل لهذه الحوادث الذميمة والاليمة في حق الطلاب والطالبات الذين هم مستقبل البلاد.
وأنا اطلب وألتمس من جميع الزعماء السياسيين والدينيين والمسؤولين عن جميع المنظمات والمؤسسات في البلاد أن يفكروا متأنين بصدد هذا القانون الجديد المتنازع، و يحاورا بينهم بحثا عن حل مناسب لهذه المشكلة الوطنية بالغة الخطورة عاجلا، و أن يجلسوا مع رئيس الجمهورية و رئيس الوزراء و وزير الشؤون الداخلية، و يضغطوا عليهم لإلغاء قانون الجنسية الجديد نظرا لسلامة أحوال الوطن والمواطنين و حرصا على استقرار الأمن القومي و حفظا لحقوق المواطنين جميعا بالعدل والمساواة وبدون تفريق بينهم على أساس الدين والمذهب، كما أرجو الزعماء المكرمين و الأمناء المفكرون للعالم الاسلامي و العالم الأوروبي و منظمة التعاون الإسلامي و المنظمات الدولية الاخرى أن يهتموا كل الاهتمام بهذا القانون الأسود المتنازع الذي يقوّي الهنودسي و يضّعف المسلمين في الوطن ويفرق بينهم و يسلب عناصر السلامة الإنسانية والحقوق السكانية والحرية الدينية والفكرية.
و يجب على جميع مسلمي الهند في هذه الظروف الحالية المقلقة أن يتسلحوا أولاً بسلاح الإيمان القوي و العقيدة الراسخة و يقتدوا بالسنة المطهرة و الطريقة النبويّة و يجتبوا عن أعمال الشرك و البدعات، و يرجعوا إلى الكتاب و السنة، ويتوكلوا على الله توكلا صادقا في صلاح البلاد والعباد، وينصروا الله نصرا مؤزرا بالأعمال الحسنة من الدعاء و الاستغفار والتضرع و التوبة النصوح حتى ينصرهم الله نصرا عزيزا و يثبت أقدامهم في الوطن ، و أن يستمروا في مظاهراتهم القوية بحشود جسيمة سلمية جنبا إلى جنب مع إخوانهم من المواطنين الهنود بهمة عالية وثبات قوي وعزيمة صادقة لحفظ القانون الهندي و لحماية الدستور الديمقراطي من أي تلاعب وتعرض من قبل أي عناصر خبيثة في البلاد.

Leave a Reply

avatar
3000
  Subscribe  
Notify of