كورونا العصر في ظل هدايات قوله تعالى….

أ.د. طه عابدين طه صحة

كورونا العصر في ظل هدايات قوله تعالى : ﴿قُل مَن يَكلَؤُكُم بِاللَّيلِ وَالنَّهارِ مِنَ الرَّحمنِ بَل هُم عَن ذِكرِ رَبِّهِم مُعرِضونَ﴾ [الأنبياء: ٤٢]..


ظللت أتابع كغيري من الناس أخبار هذا البلاء العام الذي حل هذه الأيام بالناس في مشارق الأرض ومغاربها ، واهتز له العالم بأسره، ورأيتهم يبحثون جميعا عن من يدفع عنهم ما حل بهم، أو يدلهم على دواء ينفعهم، فلما رأيت أعتى الدول نطق قادتها بعجزها واستسلامها ، رأيت أن نفتح خزائن كتابه الهادي لكل شيء، الشافي من كل بلاء، لنأخذ منه ما يهدينا ، وننعم منه بما يشفينا فكانت هذه الوقفات المختصرة مع هدايات هذه الآية الكريمة :

📍الأولى: أنه لا حافظ لهذا العالم سوى الله تعالى، حفظًا كاملًا تامًا دائمًا في الليل والنهار لا يقدر العبد على إدراك كنهه ، مما يستوجب الإقرار له بالوحدانية والإذعان له بالعبودية ، فلا مجال للإلحاد أو الإشراك والتوجه لغير الله تعالى وهذا يصدقه قوله تعالى: ﴿قُلِ ادعُوا الَّذينَ زَعَمتُم مِن دونِهِ فَلا يَملِكونَ كَشفَ الضُّرِّ عَنكُم وَلا تَحويلًا﴾ [الإسراء: ٥٦]..

📍الثانية: إدراك عظمة نعم الله تعالى ورحمته على الناس من خلال حفظه ورعايته لهم من هذه الآفات التي لو سلطها عليهم لما هنأ مخلوق بعيش أو تمتع بنعمة ، مما يستوجب شكره على نعمه التي لا تحصى ومن أعظمها هذا الحفظ كما قال تعالى: ﴿إِن كُلُّ نَفسٍ لَمّا عَلَيها حافِظٌ﴾ [الطارق: ٤].

📍الثالثة: فيها إنذار لمن كفر وتكبر على عبوديته وأظهر استغناءه عن ربه أن يتخلى ربه عن حفظه فتحل عليه من الآفات ما لا يخطر بباله فإنه يمهل ولا يهمل، قال تعالى: ﴿وَما أَصابَكُم مِن مُصيبَةٍ فَبِما كَسَبَت أَيديكُم وَيَعفو عَن كَثيرٍ﴾ [الشورى: ٣٠]

📍الرابعة: تفيد أن الإعراض عن الله وآياته سبب لنزول العذاب وتخلي الرحمن بيننا وبين هذه الآفات خاصة ، فليس تسلط هذا العدو علينا من قوته ، ولكن من بسبب أعراض العبد الضعيف الفقير عن ربه القوي العزيز، وهي جاءت في سياق الرد على المستهزئين، والجزاء من جنس العمل ، قال تعالى: ﴿وَمَن أَعرَضَ عَن ذِكري فَإِنَّ لَهُ مَعيشَةً ضَنكًا وَنَحشُرُهُ يَومَ القِيامَةِ أَعمى﴾ [طه: ١٢٤]

📍الخامسة : تفيد ضعف وعجز الخلق أمام قدرة الخالق وما يرسله من بعض جنوده وكل منهما الطالب كرونا والمطلوب الخلق يصدق عليه قوله: ﴿ ضَعُفَ الطّالِبُ وَالمَطلوبُ ۝ ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزيزٌ﴾ [الحج: ٧٣-٧٤] .

📍سادسا : تفيد ( من الرحمن) أنه إذا حل البلاء فلا ملجأ من الله إلا إليه توبا وتوكلا واعتصاما فالبلاء ينبغي أن يردنا إلى الله بتوبة صادقة تبعدنا عن معصيته ، واجتهاد في طاعته بما يقربنا إليه ، ولا نكون كما قال الله تعالى عنهم : ﴿وَلَقَد أَخَذناهُم بِالعَذابِ فَمَا استَكانوا لِرَبِّهِم وَما يَتَضَرَّعونَ﴾ [المؤمنون: ٧٦]

📍سابعا: ترشدنا هذه الآية والعالم يواجه هذا البلاء بأدواته العاجزة ينبغي أن يتذكروا أن لهم ربا رحيما رحمهم وحفظهم على مر السنين ، بالليل والنهار ، فلو لجأوا إليه وسألوه باسمه الرحمن الرحيم لفرج ما بهم ورفع ما نزل عليهم قال تعالى : ﴿أَمَّن يُجيبُ المُضطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكشِفُ السّوءَ وَيَجعَلُكُم خُلَفاءَ الأَرضِ أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ قَليلًا ما تَذَكَّرونَ﴾ [النمل: ٦٢]

اللهم ردنا إليك ردا جميلا .. واكشف عنا هذا البلاء برحمتك وفضلك ..

Leave a Reply

avatar
3000
  Subscribe  
Notify of