تَلقَّيتُ صباح اليوم 04/08/1441هــ ببالغ الحزن والأسى نبأ وفاة شيخنا ومُرَبِّينا ومُرشِدنا الأستاذ الدكتور عبد الله بن عبد الحميد محمود رحمه الله، عضو هيئة التدريس بكلية الدعوة وأصول الدين بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية حرسها الله.
كان شيخنا رحمه الله مُحِبًّا لطُلَّابه، مُرَبِّيًا ومُرشِدًا وناصحًا لهم، وحريصًا على ما ينفعهم في سبيل طَلَبِهم، رأيتُه وعرفتُه أوَّل مرَّة قبل عشر سنوات قريبًا لمَّا كنتُ طالبًا في المستوى الثالث في كلية الحديث الشريف بالجامعة الإسلامية؛ حيث قام رحمه الله يومًا من الأيام بعد صلاة الفجر في جامع الشيخ ابن باز رحمه الله بالجامعة وأخبَرنا عن المؤتمر العلمي الأول لطلاب وطالبات التعليم العالي بالمملكة العربية السعودية برعاية كريمة من خادم الحرَمَيْن الشريفَيْن الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود رحمه الله، وحَثَّنا على المشاركة فيه ببحوث علميَّة وبأعمال فنِّيَّة أخرى، كنتُ طالبًا في المستوى الثالث وما كنتُ أرى نفسي مؤهّلًا للمشاركة فيه؛ لكنَّ متابعته وتحفيزه المستمر رغَّبَني وعددًا كبيرًا من الطلاب للمشاركة، كان رحمه الله مُنَسِّقَ الجامعة الإسلامية في ذلك المؤتمر، ولم يُقصِّر شيئًا في جهوده لرُقْي مستوى أعمال الطلاب اللائق بالمؤتمر، فكان يقرأ بحوث الطلاب ويُصلِح أخطاءهم ويُتابِع بنفسه جميع مراحل المؤتمر، اتَّصل بي يومًا ونبَّهني على بعض أخطائي في بحثي المُقدَّم للمشاركة، فعدَّلتُها حسب توجيهاته القيِّمة السَّديدة.
بعدما تمَّ ترشيحي سافرتُ مع الزملاء المشاركين إلى مدينة الرياض، فوجدتُه رحمه الله أيام المؤتمر كذلك يُرشِد طُلَّابه ولا يترك مجالًا يستطيع يساعدهم ويرفع مُسْتَوَى عَمَلِهم إلا ويَبذُل جُهودَه دون كَلَل ومَلَل.
شاركتُ في المؤتمر بِبَحْث كان عنوانه: «قُرَّةُ العَيْنَيْن في بيان أن رفع اليدين غير ثابت بعد دفن عبد الله ذي البِجادَين رضي الله عنه»، وحصلتُ على المركز الأول وجائزة التميز العلمي جائزة الريشة الذهبية على مستوى المملكة العربية السعودية، فكان رحمه الله من أوَّل المُهَنِّئِين على نجاحي، وأظهر فرحه وسروره بالجائزة، ودعا لي كثيرًا بالخير والبركة والتَّقَدُّم، وضَمَّني إلى صدره كما يضُمُّ الأب الحَنُون ولدَه لا أنسى موقفه هذا أبدًا.
واليوم لمَّا استيقظتُ للفجر وفتحتُ جَوَّالِي وقع نبأ وفاته كصاعِقَة عليَّ.
القلب يحزن والعين تدمع وإنا بفراق مرشدنا ومربينا وناصحنا لمحزونون، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
أسأل الله تعالى أن يغفر لشيخنا ومُرشِدنا ويرفع درجته في علِّيِّين، وتقبَّله في الشهداء فإنه كان مريضًا يحتسب، وألهم ذَوِيه الصبر والسلوان، إنه غفور رحيم.