هذا مما لا سبيل إلى الشك فيه أن الدعوة إلى الله واجبة على كل فرد من أفراد الأمة، وهى من واجبات الرسل وظيفتهم، ونحن من شركاء الرسل في وظيفة الدعوة حيث قال تعالى:{كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ}.
ومن اتبع النبى صلى الله عليه وسلم فهو مكلف لهذه الدعوة المباركة العظيمة. فيقول تعالى:﴿ قُلْ هَٰذِهِۦ سَبِيلِىٓ أَدْعُوٓا۟ إِلَى ٱللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا۠ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِى ۖ وَسُبْحَٰنَ ٱللَّهِ وَمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ ﴾
ايها القاري الكريم !
لا ريب أن التحديات والمشاكل والمحن فى سبيل الدعوة إلى الله من سنن الله تبارك وتعالى التي جرت في الحياة الدنيا ولا سيما على الأنبياء والمرسلين وعباد الله الصالحين، فتزداد هذه مع زيادة الخشية والتقوى والإنابة إليه عزوجل والعلاقة به سبحانه وتعالى، فطوبى لمن أوذوا وابتلوا فى سبيل الدعوة إلى الله، وبشرى لهم كما ورد فى الأحاديث الصحيحة منها :”سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم:أي الناس أشد بلاء؟
قال: الأنبياء ٬ ثم الأمثل فالأمثل…“ (رواه الترمذى وقال هذا حديث حسن صحيح).
هناك تتنوع المشاكل وتتفرق نوعيتها مع تباعد الزمان ومروره. فنبدأ بالتحدث عن نوعية المشاكل في الماضي:
أولا: إيذاء الدعاة فى أنفسهم وأتباعهم وتعذيبهم لمحاولة إيقاف الدعوة.
ثانيا: و ربما قدموا لهم بعض المغريات كالأموال والمناصب والرئاسة.
ثالثا: محاولة القضاء على الدعوة فى مهدها بقتل صاحب الدعوة و حبسه أو نفيه أو إخراجه من أرضه أو إبعاده فى الآفاق.
وعلى رغم هذه التحديات تم نجاح الدعوة بنصرالله تعالى.كما قال تعالى:﴿ وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا ٱلْمُرْسَلِينَ ﴾ ﴿ إِنَّهُمْ لَهُمُ ٱلْمَنصُورُونَ ﴾ ﴿ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ ٱلْغَٰلِبُونَ ﴾
و نوعية التحديات فى العصر الجديد وهى:
أولا: الجهل أى عدم تصور الإسلام تصورا صحيحا.
ثانيا: التناقض الذى يصيب بعض الدعاة أحيانا.
ثالثا: التنافر وعدم الإنسجام بين المنتسبين إلى الدعوة الإسلامية.
رابعا: وجود بعض الطوائف الضالة التى تعمل باسم الإسلام ك”القاديانية“.
خامسا: المناهج العقيمة المقررة في كثير من الجامعات والمدارس.
سادسا: آثار الاستعمار الغابر في رصيد من الجامعات.
هذه هى المشاكل والتحديات التى لقيها الدعاة المخلصون قديمًا و حديثا. وكثير من الأنبياء والمرسلين والعلماء الربانيين أوذوا وقتلوا فى سبيل الدعوة وزلزلوا زلزالا شديدا إلى أن قالوا: متى نصرالله..؟ فقيل لهم ”ألا إن نصر الله قريب“.
وأما فى الهند فعلماءها ودعاتها أيضا أبتلوا إبتلاء غير يسير ٬ ولهم تاريخ مشرق فى هذا المضمار ٬ لا يمكن الإحصاء كلهم إلا وسنذكر البعض بالإيجاز.
كل من له أدنى إلمام بالتاريخ يدرك أن تاريخ التضحية والتفانى فى الهند يبدأ من الإمامين الإمام السيد أحمد شهيد والإمام الشاه إسماعيل شهيد رحمهما الله، هما اللذان أنفقا أعمارهما فى سبيل الدعوة وإعلاء كلمة الحق ٬ وجاهدا فى الله حق جهاده حتى استشهدا خلال المقاومة ضد السيخ ، و يا أسفا على حاملي النفاق والخدعة الشرسة الذين خدعوا هذين الإمام ين في أرض بالاكوت.
وهذا الشيخ الإمام السيد نذير حسين المحدث الدهلوي رحمه الله ٬ وكان مفسرا بارعا و محدثا كبيرا و فقيها جليلا ، وقد استفاد منه خلق كثير ولا سيما في الأحاديث النبوية، وانتشر تلامذته في أرجاء العالم، قائمين بالدعوة إلى الله، إنه أصيب بمصائب واتهم بتهمات باطلة لكنه ما خاف فى سبيل الحق لومة لائم. إنما ذكر عنه في الكتاب ”الحياة بعد الممات“.
وهذا الإمام الأمير السيد صديق حسن خان القنوجي البخارى رحمه الله٬ كان إماما كبيرا وفائقا بين أقرانه٬ له يد باسطة في التفسير والحديث والفقه والعلوم الشرعية، ينتمى إلى منهج أهل الحديث، قد واجه التحديات والمحن في سبيل الدعوة، ونصب أعداؤه له حبال الحقد والكراهية لتمكنه من العلم والحكم معا، لكنه صبر عليها كل الصبر واستمر في أداء واجباته.
وهذا الشيخ ثناء الله الأمرتسري رحمه الله، إنه كان من نوابغ زمنه، وله دور بارز في سبيل الدعوة ٬ وقد ناظر الفرق الضالة وغيرها من المسلمين في زعمهم وقد أجمع بعض أعدائه على قتله ولكن الله أنقذه منهم.
وبالإضافة إلى ذلك كثير من العلماء المجاهدين الذين ساهموا فى سبيل الدعوة إلى الله في الهند، منهم علماء صادقفور، والشيخ عبد العزيز رحيم آبادى، والشيخ سخاوت على جونفورى، والعلامة أبو الكلام آزاد الملقب بإمام الهند وغيرهم من العلماء رحمهم الله.
هذا فهرست طويل جدا، يحتاج لكتاب مفصل أو بحث موسع.
لله درك يا من قال:
أولئك آبائي فجئني بمثلهم
إذا جمعتنا يا جرير المجامع
Leave a Reply