محاسبة النفس

حميد حسن السلفي المباركفوري رياضة

لا شك أن من أعظم الأمانات وأكبرها أمانة النفس، فهي أهم وأولى وأعلى وأتم من أمانة الأموال والأولاد وغيرها.
من طبائع النفس أن تهوي وتشتهي كل حين وآن، فما تشتهيه الأنفس، تظهر من اليدين والرجلين واللسان عن الحلال والحرام.
الواجب علينا أن نتقي من الحرام، وهذا يمكن عندما نحاسب أنفسنا، وفيه الفوائد والحسنات لنا، كما قال عز وجل: «قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا، وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا».
فنظرا إلى فائدة الإنسان وحياته، أمر الله عز وجل بالحاسبة، حيث قال جل في علاه : «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ» [الحشر: 18].
قال ابن القيم – رحمه الله – : «دلت الآية على وجوب محاسبة النفس، مستدلا بفعل الأمر ولتنظر نفس ما قدمت لغد».
والصحابة ومن بعدهم من السلف الصالح كانوا يفهمون الآية الدالة على وجوب محاسبة النفس فيعملون ويهتدون، قال عمر رضي الله عنه عن محاسبة النفس: «حاسبوا قبل أن تحاسبوا …» .
وكان ابنه يقول عقب الحديث النبوي( كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل) «إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء» .

فوائد احتساب النفس:

هناك أمر مهم لابد من لزومه لنحصل على فوائد النفس وتقواها التي هي متطلبات ربها كما قال تعالى : «لا أقسم بيوم القيامة، ولا أقسم بالنفس اللوامة» ، وقال : «يا أيتها النفس المطمئنة، ارجعي إلى ربك راضية مرضية».
فالاطلاع على عيوب النفس يجعل الإنسان خليقا ونفيسا في خلق الله، عارفا بحقوق الله، عابدا مخلصا في عبادة الله، زاهدا في الدنيا، راغبا إلى الآخرة، تاركا للذنوب والخطايا، شاكرا لأنعم الله، مستحقا برحمة الله، مهتد بسنة رسول الله، مقتد بصحابة رسول الله، متمسكا بمنهج السلف الصالح، مصاحبا الشرفاء، تاركا صحبة الأشقياء، قانعا برزق الله، آمرا بالمعروف، ناهيا عن منكرات الله وداعيا إلى الله وحنيفا لدين الله.

طريقة الاحتساب:

لابد من أن نبحث عن الأجوبة الصحيحة طبقا الكتاب والسنة للأسئلة التي سيسألها الله يوم الآخرة كما رواه ابنُ حِبَّانَ والترمذيُّ في «جامِعِه» أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: «لا تزولُ قَدَمَا عبدٍ يومَ القيامة، حتَّى يُسألَ عن أربعٍ، عَن عُمُرِه فيما أفناهُ، وعن جسدِهِ فيما أبلاهُ، وعن عِلمِهِ ماذا عَمِلَ فيهِ، وعن مالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ، وفيما أنفقَهُ».
وخاصة في هذه الأيام الشديدة زمن كورونا، علينا أن نحاسب أنفسنا قبل أن نحاسَب، ونتخذ الإجراءات الاحترازية والوسائل الوقائية، ونستعمل أوقاتنا في اللجوء إلى الله تعالى والتوبة والاستغفار، وغيرها من الأعمال الصالحات.
اللهم وفقنا لما تحب وترضى، آمين يارب العالمين.

Leave a Reply

avatar
3000
  Subscribe  
Notify of