مما لا ريب فيه أن هذه الظروف الراهنة التي نعيشها الآن قد أصبحت فيها الحياة الإنسانية مختلة وتعكرت صفوتها منذ ما أقبلت عليها جائحة "كورونا”. فكم من أناس أصبحوا فريسة لها و استأثرت بهم رحمة الله، وكم من أناس جعلوا بيوتهم سجونا وزنزانة مخافة أن لا تطرق الجائحة أبواب منازلهم ، وكم من عمال صاروا مقيدين في مكانهم في بقاع مختلفة للبلاد ، حتى لا يستطيعوا الرجوع إلى مسقط رأسهم من أجل التعطل لوسائل النقل. وكم من رجال لا يلقون لها بالا ، بل يعيشون حياتهم كما كانوا من قبل بدون تأمل وتفكر وتدبر.
وفي جانب آخر اتخدت الحكومة الوسائل الاحترازية للوقاية منها من البعد عن التجمعات وإغلاق المدارس والجامعات والمعاهد، والدكاكين والحوانيت ، و حتى قامت بإلغاء الطائرات والقطر والحافلات…. والناس في هرج ومرج ، وفي قلق شديد وانزعاج عجيب، يبحثون عن سؤال: ماذا يفعلون وأين يذهبون ؟ وإلى أية وسيلة يفزعون؟؟
فأقول لهم ولكم : لا تفكرا ولا تنزعجوا ولا تقلقوا ، ولا تجعلوا حياتكم تنطلق بكم إلى القنوط من رحمةالله ” لا تقنطوا من رحمة الله ".
هذا الوباء وفتن أخرى دونه ليست جددا، بل من سنن الله تعالى إذا أراد الله أن يمتحن بها أرسلها إلى أقوام لكي يعتبروا بها و يفزعوا إلى الله و يلوذوا بحبله المتين حتى يكونوا من الأقوام الناجحين.
إذن ماذا نفعل في هذه الفتن، وماذا ينبغي لنا أن نتخذ من الوسائل للوقاية منها… والوقاية خير من العلاج، فهنا نسرد بعض الوسائل المهمة التي يمكن بحملها أن نتجنب من الفتن والأوبئة وهي كما تلي :
أولا : اللجوء إلى الله تعالى والتضرع إليه والتعوذ به والاستعانة به وملازمة تقواه في السر والعلانية والغيب والشهادة كما يقول الله تعالى وهو أصدق القائلين : "ومن يتق الله يجعل له مخرجا و يرزقه من حيث لا يحتسب” ( الطلاق : 2-3 ).
ثانيا: لزوم الكتاب والسنة والاعتصام بهما، فإن من اعتصم بكتاب الله وسُنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- هُدي إلى صراط مستقيم وسلم من كل بَلية وشر ومن كل خطية و ضر ، وذلك أن السُّنة سبيل النجاة، وسبيل الفوز والفلاح في الدنيا والآخرة، ولهذا قال الإمام مالك بن أنس إمام دار الهجرة حيث قال: "السنة سفينة نوح، فمن ركبها نجا، ومن تركها هلك وغرق”.
ثالثا : لزوم البيت عند بروز الأوبئة والفتن: فالسلامة للانسان عندما انتشرت الأوبئة والفتن (كما يشهد اليوم العالم كله من انتشار ذريع للوباء باسم "الكورونا”) أن يلجأ إلى لزوم البيت ولا يشرئب لها ولا يستشرف لها ولا يبرز لها، لأنه إذا برز لها أصيب بها.
رابعا : كثرة الأذكار والاستغفار والتوبة النصوح مما اقترفنا من المعاصي والذنوب، لأن الأذكار والاستغفار تجلب دفع البلاء والكرب كما يقول الله تعالى : "وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ”.. وكما يواظب عليها النبي صلي الله عليه وسلم ليل نهار و يحض عليها الناس : ” مَنْ قَالَ : بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَمْ تُصِبْهُ فَجْأَةُ بَلَاءٍ حَتَّى يُصْبِحَ ، وَمَنْ قَالَهَا حِينَ يُصْبِحُ ثَلَاثُ مَرَّاتٍ لَمْ تُصِبْهُ فَجْأَةُ بَلَاءٍ حَتَّى يُمْسِيَ” (الترمذي :3388 ). وهكذا من كثرة القراءة لهذا الدعاء :” اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبَرَصِ، وَالْجُنُونِ، وَالْجُذَامِ، وَمِنْ سَيِّئِ الأَسْقَامِ”.
خامسا: اتخاذ الوسائل الاحترازية : هذه الوسيلة لها أهمية قصوى فلا مناص ولا محيد منها ، لأنها تلعب دورا هاما في الوقاية منها مع اتخاذ الوسائل المذكورة ، فهذه خمس وسائل باختصار كغيض من فيض، وإلا هناك أمور كثيرة نغض الطف عنها، ونكتفي بها مخافة أن لايطول الكلام ، وأدعو الله تعالي أن يرفع عنا هذا البلاء آمين ، تقبل يا رب العالمين.